الحرمين، مُشارًا إليه في التصوف، كتب الكثير بهراة، وخراسان، والجبال، وفارس، والعراق، والكوفة، والحجاز، صنف في الحديث، وخرج على "الصحيحين" تخريجًا حسنًا، وكان حافظًا، كثير الشيوخ.
وقال القاضي عياض في "المدارك": تمذهب بمذهب مالك - رضي الله عنه -، ولقي جلة من أعلامه، وأخذ عنهم، ... ، وأخذ عن متكلمي أهل السُّنَّة حظًا من علم الاعتقاد، وسكن الحرم وجاور فيه إلى أنّ مات ناشرًا للعلّم، وسمع منه عالم لا يحصى من أهل الأقطار من شيوخ شيوخنا، وقد أدركنا غير واحد ممّن سمع منه، ولم يقدر على السماع منهم، لقصر، أو بعد الدَّار، وسمع منه من جلة أقرانه: أبو محمَّد عبد الغني الحافظ، وأبو عبد الرّحمن السلمي، وأبو عمران القابسي، ولم يسمع هو من عبد الغني تحريًا لمداخلته ببني عبيد أمراء مصر الشيعة، ولا سمع من القضاعي لكونه قاضيًا لهم، وكان -رحمه الله- إمامًا في الحديث حافظًا له، ثقة ثبتًا متقنًا، واسع الرِّواية متحرية في سماعه، كثير المعرفة في الصّحيح والسقيم، وعلم الرجال، حسن التأليف في ذلك كثيره، وكان مع ذلك زاهدًا متقشفًا فاضلًا متقللًا، نزل مكّة وجاور بها أزيد من ثلاثين سنة، وكان سكن منها بسراة بني سبابة، وكان يتحرى في الفتيا، ويحيل على من يحضره من فقهاء المالكية للسماع منه، قال أبو محمَّد الشَّنْتَجالي: من رأى أبا ذر رآه على هدى السلف الصالح من الصّحابة، والتابعين -رضي الله عنهم-، وقال حاتم بن محمَّد: كان أبو ذر مالكيًا خيرًا، فاضلًا متقللًا من الدنيا، بصيرًا بالحديث وعلله، ويميز الرجال. وقال الحافظ شرف الدِّين المقدسي في كتابه "الأربعين": من علماء هذا الشأن والمصنفين فيه، والراحلين لأجله إلى