مسلم؟ »، وفي حديث جميلة بنت أبي زوجة ثابت بن قيس أنها شكت لرسول الله ثابتًا فقالت:«ولكني أكره الكفر في الإسلام» تريد خشية الزنا، وعلى هذا يكون موقع قوله:«ليس منهم»، «وليس منا» ونحوه كموقع قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن».
التأويل الثاني: وهو التحقيق: أن نعدل عما سلكوه من اعتبار لفظ «فليس منا» ونحوه مستعملاً في كلام العرب للنفي من النوع، بل إن العرب لا يستعملونه إلا استعمالاً شبيهًا باستعمال المثل يلازم هذه الصيغة، فهو خبر مستعمل في معنى الغضب على المخبر عنه وإيذائه بالسخط والقطيعة، وقد تكرر هذا الاستعمال في كلام العرب، قال النابغة يحذر عيينة بن حصن من الغدر ببني أسد:
إذا حاولت في أسد فجورًا ... فإني لست منك ولست مني
فإنه لو حمل على المعنى الأصلي لكان تحصيل حاصل؛ إذ ليس عيينة بن حصن ببعض من النابغة، وقال بعض العرب:
أيها السائل عنهم وعني ... لست من قيس ولا قيس مني
وقريب من قوله تعالى:{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: ٤٦]، أي: لا تهتم بأمره وأعرض عنه، ويقولون في عكس ذلك: أنت مني وأنا منك، ويؤيد هذا التأويل أن بعض الآثار الواقع فيها لفظ:«ليس منا» قد روي بلفظ: «فليس مني»، وما في صحيح مسلم أن أبا موسى الأشعري أغمى عليه في مرضه مرضه فصاحت امرأة من أهله، فلما أفاق قال: أنا برئ ممن برئ رسول الله منه فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«ليس منا الصالقة والحالقة والشاقة» ففسر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا» في ذلك الحديث بمعنى البراءة.