بين الحديث القدسي وبين القرآن، وأن التفرقة بين القرآن وبين الحديث القدسي وإن كانت لا تخلو من تيسير لضبط تعريف الحديث القدسي، فالاشتغال بها قبل ضبط التعريف يعد في صناعة التأليف تطوحًا عن الأهم، فحملني هذا وذاك على تحقيق معنى الحديث القدسي وتعريفه بحد جامع مانع بعد جلب التعاريف التي سبقوا بها.
[تعريف الحديث القدسي]
الحديث القدسي ويسمى الحديث الرباني والحديث الإلهي.
قال السيد الجرجاني في كتاب التعريفات:«الحديث القدسي هو من حيث المعنى من عند الله، ومن حيث اللفظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو ما أخبر الله تعالى به نبيه بإلهام أو بالمنام فأخبر عليه الصلاة والسلام عن ذلك المعنى بعبارات نفسه. أ. هـ.
وفي الإتقان للسيوطي في النوع السادس عشر «قال الجويني: الحديث القدسي كلام من الله منزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ملتزم تبليغه بلفظ معين، بل المقصود المعنى، فقد تكون العبارة من جبريل» أ. هـ.
وقال ابن حجر الهيثمي في شرح الأربعين النووية عند الكلام على الحديث الرابع والعشرين:«الأحاديث القدسية ما نقل إلينا آحادًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع إسناده لها عن ربه فهي من كلامه فتضاف إليه وهو الأغلب، ونسبتها إليه حينئذٍ نسبة إنشاء؛ لأنه المتكلم به أولاً، وقد تضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه المخبر بها عن الله».
وقال علي القاري في شرح الأربعين النووية عند الكلام على الحديث الرابع والعشرين:«القدسي إخبار الله نبيه معنى لفظ بإلهام أو بالمنام، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته بعبارته عن معنى ذلك الكلام» أ. هـ. وهو قريب من كلام السيد الجرجاني.
وقال أيضًا: «قال الطيبي: الحديث القدسي نص إلهي في الدرجة الثانية (أي: دون درجة القرآن) وإن كان من غير واسطة الملك غالبًا؛ لأن المنظور فيه المعنى دون اللفظ وفي القرآن اللفظ والمعنى منظوران» أ. هـ.
وهذه التعاريف تقتضي أن اللفظ في الحديث القدسي غير معين وإنما هو إلقاء