للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك الكمال في أمور:

أولها: العمل به وتحقيق مقاصده.

الثاني: نصره وإقامته.

الثالث: انتشاره وزيادته وتسهيل بثه.

الرابع: حراسته وحفظه من تدخل الضلالات.

الخامس: دفع نائبة حلت بالإسلام إذا استمرت أفضت إلى طمس معالم الدين أو إفساد الإيمان أو ذهاب سلطانه.

وقد تمتد إليه يد الرثاثة من إحدى نواحي جدته فهو لا يرث من جميع نواحيه؛ لأن الله قد ضمن حفظه، ولكنه قد تتسرب إليه أسباب الرثاثة من إحدى النواحي فيشاهد الضعف فيها فيبعث الله له من يجدده بأن يزيل عنه أسباب الرثاثة ويرده جديدًا ناصعًا.

فالتجديد الديني يلزم أن يعود عمله بإصلاح الناس في الدنيا: إما من جهة التفكير الديني الراجع إلى إدراك حقائق الدين كما هي، وإما من جهة العمل الديني الراجع إلى إصلاح الأعمال، وإما من جهة تأييد سلطانه.

[مضي مائة سنة مظنة لتطرق الرثاثة، والاحتياج إلى التجديد]

ليست حكمة الله بالمضاعة، ولا فعله بالعبث، فقد أنبأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله يبعث للأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها، فعلمنا أن لهذا الزمن أثرًا في تطرق الرثاثة إلى بعض أمور الدين، ذلك أن مدة مائة سنة تنطوي فيها ثلاثة أجيال ويكثر أن يتسلسل فيها البشر آباء وأبناء وحفدة، فإذا فرضنا كمال أمر الدين حصل في عصر الآباء عن مشاهدتهم أمره، كما نفرضه في عصر النبوة حين شاهد الصحابة الدين في منعة شبابه، جاء الأبناء فتلقوا عن الآباء صور الأمور الدينية عن سماع وعلم دون مشاهدة فكان علمهم به أضعف، ومن شأن الجيل إحداث أمور لم تكن في الجيل السابق، لكنهم يغلب عليهم ما كان في الجيل السابق، فإذا جاء جيل الحفدة تنوسيت الأصول وكثر الدخيل في أمور الدين فأشرف الدين على التغيير، فبعث الله مجددًا لأمور الدين تحقيقًا لما وعد الله به في حفظ الدين، وهذا التيسير الإلهي بقيام المجدد على رأس كل مائة سنة تجديد مضمون منضبط، وهو لا يمنع من ظهور مجددين في خلال القرن ظهورًا غير منضبط، فقد ظهر في خلال

<<  <   >  >>