الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
إلى الفاضل ابننا السيد ... حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أما بعد،
فقد بلغني كتابكم أشكركم على حسن أمانيكم نحوي، وأسأل الله أن يجازيكم عنها أحسن جزاء البارين، وأحمد الله لكم على تهممكم بتحقيق المسائل الدينية راجيًا لكم مزيد التوفيق والسداد، وقد اطلعت على السؤال الوارد عليكم وما أجبتم به مما هو مسطور في الكتاب المذكور وطلبكم مني الجواب عن ذلك.
وجوابي أن من أصول علم الهيئة أن شروق الشمس وغروبها تابع لحركة الأرض حول الشمس، وهذا أصل لا نزاع فيه لثبوته بالأدلة المفيدة لليقين وليس في عقائد الإسلام ولا في فروعه ما ينافيه، وهذا من سير الأرض فإذا أسند إليَّ .... كان إسنادًا على وجه المجاز إذا قيل: طلعت الشمس أو غربت الشمس أو زالت الشمس عن كبد السماء.
وهنالك أصل آخر، وهو أن للشمس حركة انتقالية خاصة في فلكها وهو انتقالها في دائرة فلكية من مبدأ تلك الدائرة إلى أن تعود فتلوح للناظر في السمت الذي ابتدأ منه تنقلها ويحصل تمام ذلك الانتقال في مدة السنة الشمسية التي تستمر ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا في دائرة فرضية مقسمة إلى اثني عشر جزءًا مُعْلِمَة للناس بتجمع لنجوم ذات أشكال، لها أسماء تقريبية يعبر عنها بالبروج، وبها ينقسم العام إلى الفصول الأربعة وهي دائرة مضبوطة بابتداء الوقت الذي اصطلح علماء الهيئة على جعله مبدأ ضبط حلول الشمس في برج الحمل، فهذا هو التنقل الحقيقي للشمس في فلكها، وهو المعبر عنه بالجري أو بالسير وإسناده إلى الشمس إسناد حقيقي.
فإذا تقرر هذا فلنرجع إلى معنى قوله تعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}[يس: ٣٨].
فإنه أثبت للشمس جريًا، ولا شك في أن إطلاق الجري على تنقل جرم الشمس من حيز إلى حيز في دائرة فلكها المفروضة إطلاق مجازي؛ لأن حقيقة الجري هو