القرن الأول علي بن أبي طالب، وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز وظهر في خلال القرن الثاني محمد بن إدريس الشافعي، وظهر في خلال القرن الرابع أبو حامد الغزالي.
[كيف يكون تعيين مبدأ المائة سنة]
جاء في لفظ الحديث أن ظهور المجدد يكون على رأس كل مائة سنة، والرأس في كلام العرب يطلق على أول الشيء يقال: فلان على رأس أمره، أي: أن أمره أنف كأنه لم يكن قبل له أمر، وفي الحديث أن رسول الله بعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، فيظهر أن المراد في رأس سنة مبدأ سنة فمقتضاه أن يكون ابتداء العد من يوم قال الرسول ذلك إلا أن قرينة قوله:«من يجدد لهذه الأمة أمر دينها» دلت على أن ذلك لا يكون ما دام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهر المسلمين؛ لأن وجود الرسول وقاية للدين من الرثاثة، وسلامة له من التخلق، فلا يحتاج إلى التجديد، فيتعين أن يكون ابتداء العد عقب وفاة الرسول ليحمل لفظ الرأس على ما يناسبه من الأولية بحسب المقام فإن أول كل شيء بحسبه.
ويحتمل أن يراد من رأس مائة سنة مبدأ مائة بعد مائة سنة تمضي بعد اليوم الذي صدر فيه هذا القول من الرسول - صلى الله عليه وسلم - على حد قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح المروي في صحيح البخاري وسنن الترمذي من حديث الزهري، عن سالم بن عبد الله، وأبي بكر بن أبي خيثمة، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام فقال:«أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد» إذ يتعين أن يكون قوله فيه: «فإن رأس مائة سنة»، أي: مبدأ مائة سنة من تلك الليلة بقرينة السياق ولذلك قدر شراح الحديث قوله: «فإن رأس مائة سنة»، أي: من تلك الليلة، أي: بعد مضيها، وقد قيل بمثل هذا في إطلاق رأس مائة سنة في قولهم في الحديث:«بعثه الله على رأس أربعين سنة»، أي: عند تمام الأربعين من عمره الشريف فيكون ابتداء العد أيضًا من يوم قال رسول الله ذلك، ومثال الاحتمالين في عد المرة الأولى من التجديد وعد أول المجددين.
وأيًا ما كان فالظاهر أن رسول الله قال ذلك في آخر حياته؛ إذ قد دلت أدلة من السنة على أن رسول الله قد أكثر في آخر حياته من أقوال تؤذن بقرب انتقاله تأنيسًا للمسلمين بتلقي وفاته بصبر، وتنبيهًا لهم ليتهيؤوا إلى سد ما تعقبه وفاته من ثلمة في