اعلم أن الذي اصطلح عليه البخاري ومن جاء بعده أن لقب الحديث الصحيح هو الحديث الذي اتصل سنده، يرويه واحد عن واحد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدول ضابطين بلا شذوذ، أي: بأن لا يخالف أحد رواته ما يرويه من هو أرجح منه حفظًا مخالفة لا يمكن معها الجمع بين الروايتين كما أشار له مسلم في مقدمة صحيحه، ولا يكون فيه علة خفيَّة قادحة مجمع عليها، فشرط البخاري ومسلم أن لا يخرجا إلا الحديث المتفق على ثقةٍ نَقَلة إلى الصحابي من غير اختلاف بين الثقات الأثبات بسند متصل غير مقطوع، ففي شرط اتصال السند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خالفا مالكًا من أجل أنهما لا يخرجان الحديث المرسل والمقطوع، ولا يعد أنه في قسم الصحيح، ومالك رحمه الله يراه صحيحًا وحجة -وهو قول أبي حنيفة أيضًا- وقال أبو عيسى الترمذي: فقد قال الترمذي في آخر كتاب الأشربة من جامعه: «الصحيح حديث الزهري مُرسلًا».
ورأي مالك في ذلك أرجح؛ لأن العبرة بتحقق أو ظن صحة السند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمرسل هو أن يُسقط التابعي اسم الصحابي، ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا التابعي لا يخلو إما أن يكون ثقةً ضابطًا أو غيره، فإن كان الأول فلا شك أن قبول خبره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتصدَّيه للرواية عن رسول الله مع ما علم من شدة إعظامها لهذا الشأن ومع جزمه بذلك يعين.
ما يوجد من نسخ للموطَّأ:
نسخة لسويد بن سعيد كاملة (بالمكتبة العاشورية بتونس).
وقطعة من رواية عبد الله بن مسلمة القعنبي بها أوراق متفرقة بعضها من الجزء الأول، وبعضها من الثاني، وبعضها من الثالث، وبعضها من الرابع، وبعضها من الخامس بخطَّ شاميَّ ذكر ناسخها أنه نسخها في سنة (٧٥٧ هـ) بمدينة دمشق.
مشتمل على أبواب من كتاب الصلاة، ومن الصيام ومن الحج، ومن الجهاد.