هذا مبحث دقيق من علم الحديث لم يُتعرض له في علم مصطلح الحديث دعاني إلى تحريره أنه وقع لدي منذ بضعة أيام كتاب عنوانه «الأحاديث القدسية» مما جمعته لجنة القرآن والحديث من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، وهي الأحاديث الموجودة في الموطأ والصحيحين وكتب السنن الأربعة، فحمدت عناية اللجنة وتهممهم بهذا العمل؛ إذ قل من اهتم بإخراج الأحاديث القدسية في كتاب مفرد، قال ابن حجر الهيثمي في شرح الحديث الرابع والعشرين من الأربعين النووية:«الأحاديث القدسية أكثر من مائة وقد جمعها بعضهم في جزء كبير».
وقال علي القاري في شرحه على الأربعين النووية:«الأحاديث القدسية أكثر من مائة»، قلت: هذا الجزء لا نعرفه ولا نعرف من جمعه، وفي هذا الغرض ألف كتاب «الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية» لمحمد المعروف بعبد الرؤوف المناوي ذكره صاحب كشف الظنون، وقال: رتبه على بابين الأول فيما صدر بلفظ: قال الله سبحانه وتعالى، والثاني بما تضمن: قوله تعالى، وكلاهما على الحروف. وهذا الكتاب اطلع عليه الذين دونوا كتاب الأحاديث القدسية، ولعلي القاري كتاب سماه الأحاديث القدسية والكمالات الإنسية جمع فيه أربعين حديثًا قدسيًا وطبع في سنة (١٣١٦ هـ) ولم أقف عليه، وفي «كشف الظنون» أن الشيخ محيي الدين بن عربي جمع أربعين حديثًا قدسيًا، وقد اشتمل كتاب «الأحاديث القدسية» على أربعمائة حديث باعتبار المكرر باختلاف الروايات واختلاف الأسانيد، وعلى نحو مائة وثمانية وستين بطرح المكرر، مع أن ابن حجر الهيثمي وعليًا القاري ذكرًا في شرحيهما على الأربعين النووية: أن الأحاديث القدسية أكثر من مائة، وحصرها بأكثر من مائة يقتضي أن لا تزيد على المائة بكثير.
ولم أر كلامًا تنضبط به حقيقة الحديث القدسي لنضوب عبارات الكاتبين وإجمالها، فإذا أخذوا في بيان ما هو الحديث القدسي هرعوا إلى الخوض في التفرقة