وأكثر الطبراني من الرواية عن عبد الرزاق، وقد روى عنه أحاديث في غير مسنده كثير من الضعفاء مثل أبي جعفر فكتب وهو ملموز بالكذب، وأبي الأزهر النيسابوري، فهذا الحديث المروي عن عبد الرزاق غير معروف عند الحفاظ؛ إذ لم يروه أهل الصحيح ولا أصحاب السير المقبولة مثل ابن إسحاق، والحلبي ولم يروه عياض في الشفاء مع ورود مناسبات كثيرة في الشفاء تناسب ذكر الحديث لو كان مقبولاً عنده، منها تكلمه على قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ}[النور: ٣٥]، عندما ذكر قول من جعل الضمير في قوله:{مثل نوره}[النور: ٣٥] عائدًا على النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولم يذكره السيوطي في جمع الجوامع لا في القسم المرتب على حروف المعجم ولا في القسم المرتب على المسانيد، ومنها مسند جابر بن عبد الله الذي روى عنه عبد الرزاق هذا الحديث، ولم يذكره السيوطي في كتاب «الخصائص» مع أنه لو كان مقبولاً لكان من أول الخصائص.
فإن كان عبد الرزاق قد رواه حقيقة فيكون قد رواه عن الضعفاء في آخر عمره، فلذا لا يوجد عن مسند عبد الرزاق، وإن كان عبد الرزاق لم يروه فقد كذبه عنه الضعفاء والمتساهلون ممن شملهم المقبول إذ لم ينقله أحد، وكذلك رواية البيهقي فإن البيهقي متساهلٌ في أحاديث دلائل النبوة وفضائل الأعمال.
أما ما روي في «شفاء الصدور» لابن سبع، فلا حاجة إلى التنبيه على أن كتابه يشتمل على المقبول والمردود.
فهذا الحديث مجهول السند، ومجرد وجود عبد الرزاق في رواته لا يكفي في توثيق سنده؛ إذ لا ندري من رواه عن عبد الرزاق ولا من روى عنه عبد الرزاق بينه وبين جابر؛ فهو لذلك غير صحيح ولا حسن لعدم معرفة رواية مصدره على أن يعرف توفر شرط رجال الصحيح ورجال الحسن فيهم فيتردد بين كونه ضعيفًا او موضوعًا.
[نقده من جهة اللفظ]
إن نظم الكلام في هذا الحديث نظم ضعيف لا يناسب أن يكون لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفصح العرب، يبدو ذلك جليًا لمن كان له ذوق في تراتيب منه.
قال ابن الصلاح في أصول علم الحديث: قد وضعت أحاديث طويلة تشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها، وأقول: قد عد أئمة الأصول من مرجحات بعض الأحاديث على بعض أن يكون أحد الحديثين أحسن نسقًا، قالوا: لأن حسن النسق