الأستاذ سهل الصعلوكي وكلاهما من أئمة الشافعيين، قلت: والخامس الغزالي، والسادس فخر الدين الرازي، ويحتمل أن يكون الإمام الرافعي؛ لأن وفاته تأخرت إلى بعد العشرين وستمائة، والسابع الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، فهذا حاصل كلام ابن السبكي بعد تجريده من التطويل، وقد قفى جلال الدين السيوطي على أثر تاج الدين بن السبكي ورجا لنفسه أن يكون هو مجدد المائة التاسعة وكلاهما حجر واسعًا من نعمة الله فاحتكراها لعلماء الشافعية ولا أعجب من أسرار السبكي في مطاوي ذلك أن يومئ إلى أن الدين عنده هو مذهب الشافعي؛ إذ يقول: «ووجدنا جميع من قيل إن المبعوث في رأس كل مائة ممن تمذهب بمذهب الشافعي، فعلمنا أنه (أي: الشافعي) الإمام المبعوث الذي استقر أمر الناس على قوله وبعث بعده في رأس كل مائة سنة من يقرر مذهبه.
وإذ يقول في منظومة له نظم فيها المجددين على حسب اختياره:
هذا على أن المصيب أمامنا ... أجلى دليل واضح للمهتدي
فابن السبكي ظهر في مظهر التعصب المذهبي، وأتى بدليل مصنوع بيده فكان هو واضع الدعوى وواضع الدليل، وقد غفل عن أن هذا يعطل عليه وجود مجدد في المائة الأولى.
ثم إنا نرى معظم من عدهم السبكي مجددين لا يزيد معظمهم على أن كانوا مدونين مذهب الشافعي، وليس ذلك كافيًا في وصف المجدد، وأين معنى التجديد من معنى التدوين.
[رأي مجد الدين ابن الأثير في تعيين المجددين]
وفي أول نوازل الأقضية والشهادات من كتاب «المعيار المعرب» للشيخ أحمد بن يحيى الونشريسي في «جامع الأصول» لمجد الدين المبارك بن الأثير ما نصه: «وقد تكلم العلماء في تأويل هذا الحديث، كل واحد في زمانه، وأشاروا إلى القائم الذي يجدد للناس دينهم وكان كل قائل قد مال إلى مذهبه، وحمل تأويل الحديث عليه، والأولى أن يحمل الحديث على العموم فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله سيبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»؛ لا يلزم منه أن يكون المبعوث على رأس المائة رجلاً واحدًا فإن لفظة (من) تقع على الواحد والجمع، وكذلك لا يلزم