فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الجزء الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول حملة العرش، ومن الثاني الكرسي، ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول السموات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم وهو المعرفة بالله، ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله» الحديث» أ. هـ، كلام المواهب.
قال الزرقاني في شرحه: لم يذكر الرابع من هذا الجزء فليراجع من مصنف عبد الرزاق مع تمام الحديث، وقد رواه البيهقي ببعض مخالفة أ. هـ.
أقول: ذكر سليمان بن سبع السبتي في كتابه «شفاء الصدور» هذا الحديث بدون إسناد بروايتين مختلفتين متقاربتين هما من بين ما في المذاهب مع مخالفة في ترتيب المخلوقات وفي تعيينها ولا حاجة إلى التطويل بذكرهما.
فالظاهر أن الذي في شفاء الصدور هو رواية البيهقي، وفي رواية ابن سبع أن الجزء الرابع أدخره الله تحت ساق العرش فلما خلق آدم جعل ذلك النور فيه.
[مرتبة هذا الحديث من الصحة]
لا يعرف هذا الحديث من غير رواية المواهب ورواية ابن سبع وما ذكره الزرقاني منهما عن البيهقي، وقد صرح صاحب المواهب بأنه من رواية عبد الرزاق بسنده ولم يذكر الذين رووه عن عبد الرزاق، وعبد الرزاق هذا هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني المولود سنة (١٢٦ هـ) والمتوفى سنة (٢٢١ هـ) كان أحد أئمة الحديث أخذ عن أئمة أهل السنة عن مالك، ومعمر، وابن جريج، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وأخذ عنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق ابن راهويه، وأخرج له البخاري في الصحيح أحاديث كثيرة بواسطة إسحاق وغيره فهو ثقة، إمام في معظم عمره إلا أنه كان قد عمي في آخر عمره وانتحل التشيع، وحمله تشيعه على أن يروي عن الضعفاء مثل جعفر بن سليمان الضبعي الشيعي؛ فلذلك حذر الأئمة من الرواية عنه بعدما عمي، وأحسب أن عماه نشأ عن عارض في دماغه فأضعف ضبطه، صنف عبد الرزاق كتاب «المسند»، قال يحيى بن معين قال لي عبد الرزاق: اكتب عني حديثًا واحدًا من غير كتاب، فقلت: ولا حرفًا،