علم الحديث ويسمى علم السنة هو العلم الباحث عن أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله، ظهرت العناية بتدوينه في أواخر القرن الأول لما اتسعت أقطار الإسلام وكثر الداخلون فيه وتنوعت النوازل، فصار الصحابة يتقصون ما يؤثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمثال تلك النوازل مثل: توريث الجدة، وجزية المجوس، ومعنى الربا، فكان الخلفاء الراشدون وأمراؤهم يعتمدون ما علموه من ذلك ويتلقون ممن له علم من الصحابة ما حفظوه مما لم يكن للخلفاء علم به، ولم يكن الصحابة يكتبون من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا شيئًا قليلًا كُتب بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل: كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر - رضي الله عنه - إلى أنس بن مالك لما وجَّهه إلى البحرين عاملًا عليها فكتب إليه:«هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين» إلخ (رواه البخاري في كتاب الزكاة»، ومثل كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمرو بن حزم الأنصاري في الصدقة (أخرجه أبو داود والنسائي)، وقد كان عمر بن الخطاب استشار الصحابة في كتابة السنن فأشار جميعهم بالكتابة فلبث عمر شهرًا يستخير الله، ثم عزم على عدم فعله، وقال: «إني كنت ذكرتُ لكم من كتابة السنن ما قد علمتم ثم تذكرت فإذا أناس من أهل الكتاب قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتبًا؛ فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله (يريد: اليهود) وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء»، ثم قد كان الخلفاء من بعد الصحابة يسألون من بقي من الصحابة فيما أشكل من الأحكام، فقد روي أن عبد الملك بن مروان وعبد الله بن الزبير كانا يكتبان لعبد الله بن عمر بن الخطاب يَستشِيرانه، وأمر عبد الملك الحجاج بن يوسف وهو أمير للحج أن يقتدي في مناسك الحج بعبد الله بن عمر.
فلما انقرض عصر الصحابة أو كاد رأى أولو الأمر من المسلمين اشتداد الحاجة إلى تدوين ما أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لئلا يفوت ذلك بانقراض حملته فهرعوا إلى