مالك عن طلب العلم: أفريضة هو؟ فقال: لا والله ما كل الناس كان عالمًا وإن من الناس من أمره أن لا يطلبه، ثم قال من الغد قد سئلت: أطلب العلم فريضة؟ فقلت: أما على كل الناس فلا. اهـ.
قال ابن رشد في البيان والتحصيل قوله: إن من الناس من أمره أن لا يطلبه، يريد من الناس من هو قليل الفهم لا تتأدى له المعاني على وجوهها، وإذا سمع الشرح تأوله على خلاف معناه، ومن كان بهذه الصفة فالحق أن يترك الاشتغال بطلب العلم ويشتغل بما سواه من ذكر الله وقراءة القرآن والصلاة، وفي قوله من الغد: أما على كل الناس فلا يدل على انه فريضة على بعضهم فهو عنده فريضة على من كان فيه موضع للأمانة ا. هـ كلام ابن رشد. أقول: كلام الإمام من الغد بيان لقوله قبله: «ما كان الناس كان عالمًا»، وكلامه كله مؤذِن بأن المراد بطلب العلم تحصيل المسائل وفهمها وتنزيلها؛ وذلك لا يلاقي تفسير من فسر العلم بمعرفة قواعد الإسلام والسؤال عن جزئياتها.
تنبيه: قال السندي في شرح سنن ابن ماجه عن السخاوي: ألحق بعض المصنفين آخر هذا الحديث «ومسلمة» وليس لها ذكر في شيء من طرقه ا. هـ.
[الرواية الثانية]
«طلب العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجواهر والؤلؤ والذهب».
رواه ابن ماجه من طريق حفص بن سليمان عن كُثَيِّر بن شنظير عن أنس ابن مالك قال المناوي في شرح الجامع الصغير: ضعفه الحافظ المنذري، وقال محمد السندي في شرح سنن ابن ماجه: إنه حديث ضعيف لضعف حفص بن سليمان، وسئل عنه النووي فقال: هو ضعيف سندًا.
وقال المزي تلميذ النووي والسيوطي: هو حسن لكثرة طرقه.
أقول: يريد الجزء الأول من الحديث وهو الرواية المتقدمة، أما قوله:«وواضع العلم ... » إلخ، فلا يعرف له طريق غير طريق حفص بن سليمان عن كثير بن شنظير. وقد قدمنا في الكلام على الرواية الأولى قولهم في حفص بن سليمان: إنه متروك الحديث، وفي كُثَيِّر بن شنظير: إنه مختلف في قبوله.
وأما ضعفه من جهة المعنى فجزؤه الأول تقدم الكلام عليه، وجزؤه الثاني مختل