الظن بصدق نسبته إلى رسول الله نظراً لحسن الظن برواته، وفيه احتمال مرجوح جدّاً بأن يكون مكذوباً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والحديث الحسن دونه فيه الظن يصدق نسبته، وفيه احتمال مرجوح بأن يكون مكذوباً، والحديث الضعيف يستوي من ظن احتمال بعدم صدق نسبته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وظن احتمال صدق نسبته إليه.
فإذا كثرت طرق الحديث وطرق الحسن فقد تأيد ظن الصدق بظنون مثله راجحة، فيصير الصحيح قريباً من المتواتر، ويصير الحسن قريباً من الصحيح، بخلاف الضعيف، فإن تكررت طرقه الضعيفة يؤيد احتماليه معاً فيبقى كما هو لا يكتسب قوة بتكرر الطرق.
أما من جهة معناه فهو يؤدي معنى غير منضبط يحتاج إلى التأويل وذلك لا يناسب الفصاحة النبوية؛ لأن التعريف في لفظه «العلم» المضاف إليه «طلب» لا يخلو أن يكون للعهد أو الاستغراق، ولا يجوز أن يكون للعهد إذ ليس في الشريعة علم معهود يتطرق إليه الذهن عند تعريفه بلام العهد، فتعين أن محمل التعريف للاستغراق، وهو إما استغراق حقيقي أو عرفي ولا يجوز أن يكون استغراقاً حقيقيّاً؛ لأنه يقتضي مطالبة كل مسلم بطلب جميع العلوم وهذا من التكليف بما لا يطاق وهو منفي عن دين الإسلام بحكم قوله تعالى: } لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، فبقي أن يكون استغراقاً عرفيّاً أي كل علم من العلوم الشرعية، وهذا ظاهره باطل إذ لا يجب على كل مسلم أن يطلب جميع العلوم الشرعية بل تحصيلها فرض كفاية يتوزعه طائفة من الأمة كما اقتضته آية:{فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}[التوبة: ١٢٢]، وإذا كان ظاهره غير مراد قطعاً لزم تأويله ولا دليل على تأويل معين، فيصير من المجمل الباقي على إجماله وذلك لا يليق بمقام التشريع أن يخاطب المسلمون بشيء واجب عليهم غير معين مقداره.
وقد تأوله بعض العلماء بأن المراد به علم ما لا يسع المكلف جهله من صلاته وطهارته وصيامه ونحو ذلك بأن يحصل ما يمكنه تحصيله، ويسأل عما لا يمكنه تحصيله عند نزوله به، ولا يخفى أنه تأويل بعيد؛ إذ تحصيل قواعد الدين والسؤال عن جزئياتها عند نزولها لا يسمى طلب العلم في متعارف اللغة.
يدل لذلك ما وقع في جامع العتبية في سماع القرينين أشهب وابن نافع سؤال.