للسيوطي على أن رواية كثير بن شنظير هي بواسطة حفص بن سليمان عنه وحفص ابن سليمان متروك الحديث، قاله البخاري.
وإنما قلت: إنه من أوهى مراتب الضعف لما قرره علماء أصول الحديث أن الشديد الضعف هو الذي لا يخلو طريق من طرقه عن كذاب أو متهم، وأما ما نقله السيوطي عن المزي من قوله: إنه روي عن طريق تبلغ مرتبة الحسن، فلم ندر قراره بهذه الطريق، فلعله يعني بها طريق كُثَيِّر بن شنظير، وقد علمت ما فيها، وعلى تسليم كون الخلاف في كثير بن شنظير لا يسقطه إلى درك الجرح فإن حقيقة الحديث الحسن لا تنطبق على مثله؛ إذ الحديث الحسن يشترط فيه سلامة رجال سنده من الجرح، وإنما ينزل عن مرتبة الصحيح بقلة ضبط رجاله مع عدالتهم.
وبقي لنا قول المناوي: إن كثرة طرق هذا الحديث تقويه، فهذا كلام نحتاج فيه رده إلى تطويل؛ لأن صدور أمثاله كَثِير من كلام بعض المنتقين للحديث وهو كلام لا يؤخذ على إطلاقه؛ لأن الضعيف أقسام كثيرة تنتهي في الضعف إلى الموضوع فإن الموضوع من الضعيف عند المحققين من المحدثين، فبينا أن تنظر إلى حالة الضعيف فإن كان ضعيفاً قريباً من الحسن - أعني قد نقص منه صفة من صفات الحسن أو صفتان ليست إحداهما راجعة إلى اتهام بعض رواته - فهو مقبول في الجملة، فهذا إذا اعتضد بطرق أخرى متماثلة في الضعيف بدون طعن في أحد رواته قد يكتسب قوة ما، ولكنها قوة لا تخرجه عن رتبة الضعف وإنما تكسبه قوة في الضعف، فهذا مشتبه على الضعفاء في علم الحديث فيحسبون أن الضعيف من هذا النوع إذا اعتضد بمثله ارتقى إلى رتبة الحسن وهو وهم وتخليط، ألاَّ ترى أن المحدثين ذكروا في حديث:«من حفظ من أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة العلماء» أنه روي عن جماعة من الصحابة: علي بن أبي طالب وعبد الله ابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأنس ابن مالك وأبي هريرة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري، وأنه روي من طرق كثيرة، وذكروا أن الحفاظ اتفقوا على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه؛ لأن جميع طرقه ليس فيها طريق من علة قاله النووي، وقاله ابن حجر.
وهاهنا توجيه كنت جعلته دستوراً في كيفية الاعتضاد بكثرة طرق الأخبار إذا تعددت طرقها وقررته في دروس الأصوليين؛ وذلك أن الحديث الصحيح يغلب