المعنى، إذ المقصود منه التحذير من وضع العلم عند غير أهله وتشنيع ذلك الوضع. ولا سبيل إلى معرفة أهلية طالب العلم لوضع العلم عنده حتى يحذر منه، على أنه لا يلاقي صدر الحديث القاضي بأن طلب العلم فريضة على كل مسلم، فكأن صدره يأمر بطلب العلم، وعجزه يأمر بإمساك العلم عمن ليس له بأهل فينفتح باب عظيم لإمساك العلم بانفتاح باب النظر في أهلية الطالب وعدمها.
[الرواية الثالثة]
«طلب العلم فريضة على كل مسلم وإن طالب العلم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر» قال السيوطي في الجامعين: رواه ابن عبد البر في كتاب فضل العلم عن أنس قال المناوي في شرح الجامع: رُوى بوجوه كثيرة كلها معلولة.
وضعه من جهة المعنى في جزئه الأول تقدم الكلام عليه، وأما قوله:«وإن طالب العلم ليستغفر له كل شيء ... » فلا يشبه أن يكون من كلام النبوة لركاكته فإن أكثر البشر لا يستغفرون لطالب العلم، وأي معنى لاستغفار الحيوان والحيتان وعهدنا أن الصالحين يستغفر لهم الملائكة قال تعالى:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر: ٧]. الآية، فلا تنزل درجة طالب العلم إلى أن يستغفر له الحيتان.
[الرواية الرابعة]
«طلب العلم أفضل عند الله من الصلاة والصيام والحج والجهاد» رواه الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس، قال المناوي في شرح الجامع: فإسناده فيه وضاع.
أما ضعف معناه فإن الصلاة والصيام والحج منها واجب هو المراد هنا لقرينة ذكرها مع الحج وطلب العلم تطوع، والواجبات أفضل من التطوع إلا ثلاثة فضائل مستثناة هي من جنس واجباتها وهي التوضؤ قبل دخول الوقت وابتداء السلام وإبراء المعسر مع أن الواجب إنظاره إلى ميسرة.
[الرواية الخامسة]
«طلب العلم ساعةً من قيام ليلة، وطلب العلم يومًا خير من صيام ثلاثة أشهر» رواه الديلمي في مسند الفردوس قال المناوي: بسند ضعيف.