وإلى جبريل إذا كان هو المبلغ لها مسوق مساق التقسيم؛ لأن الأحاديث القدسية يجوز التفويض في عبارتها لجبريل أو للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
[صيغة رواية الحديث القدسي]
صيغة رواية الحديث القدسي حصرها ابن حجر الهيثمي في شرحه للأربعين في صيغتين:
إحداهما: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه، وهذه صيغة السلف، يعني أو ما يرادفها كما في حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكيه عن ربه عز وجل قال:«أيما عبدٍ من عبادي خرج مجاهدًا في سبيل الله» الحديث المتقدم آنفًا.
الثانية: قال الله تعالى فيما رواه عنه رسوله.
فيعتبر إحدى هاتين الصيغتين أو ما يرادفها من الحديث القدسي، ويدل التتبع والاستقراء على أن الحديث الذي فيه تحاور ومقاولة بين الله وبين بعض عباده الأخيار أو الأشرار، لا يعد حديثًا قدسيًا، بل الحديث القدسي ما هو حكاية قول الله وحده.
والذي يظهر من كتاب الأحاديث القدسية أن اللجنة التي دونته اعتمدت في حقيقة الحديث القدسي أنه كل ما حكي فيه قول محكي عن الله تعالى مطلقًا.
[الفرق بين الحديث القدسي والقرآن]
والفرق بينه وبين غيره من الأحاديث النبوية:
أما الفرق بين القرآن والحديث القدسي فظاهر مما ذكرناه، وإنما الخفاء في الفرق بين أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - مما ينسبه إلى الله وبين غيره من كلامه؛ ذلك أن الكلام الصادر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشريع وأمور الدين محمول عند الجمهور على أنه موحى به إليه. قال ابن حجر الهيثمي في شرح الأربعين النووية: «اختلف في بقية السنة غير الأحاديث القدسية هل هو كله بوحي أولاً؟ وآية: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤] تؤيد الأول»، وقال السيوطي في الإتقان في النوع السادس عشر:«إن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن».
وأقول: هذا هو الظاهر كما يدل عليه حديث يعلى بن أُمية: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة وعليه (أي: على الرجل) جبةٌ وعليه أثر الخلوق، فقال: