إن من أكبر ما أضر بالمسلمين في تصورهم معاني الدين هو غرورهم بما أملي عليهم من تهوين أمر العمل بشرائع الإسلام ورضاهم بالاقتصار على فضيلة الإيمان والإسلام مع إهمال كثير من الأعمال، ومن قلب حقائق شرعية في أصول الدين أو في فروعه، وهذه الأحوال إنما جرها إليهم مرويات ضعيفة تكاثرت بين المسلمين بسبب تهاون بعض أهل الحديث بالأحاديث الضعفة في فضائل الأعمال، وقد أدخلت تلك الأحاديث الموضوعة الشائعة بين المسلمين والمجهول وَهَنُهَا عند عامتهم وكثير من خاصتهم المعرضين عن تمحيص أسانيد الأحاديث أغلاطًا كثرة، سرى مفعولها في الناس فلم تخل بعض كتبهم من بعضها، فكان حقًّا على كل من يتصدى لإصلاح حال المسلمين أن ينبه على تمحيص الآثار لما في التساهل في قبول واهنها من الأخطار التي لا يقدر المرء مقدار ما تفضي إليه، فمن حق المسلم الإعراض عنها والاشتغال بالصحيح والحسن فهو أهون عليه، وها أنا أذكر طائفة منها مرتبة على حروف المعجم وسنقفيها في كل عدد بعدد من نوعها.
أ. «أنا مدينة العلم وعلى بابها» حديث موضوع بجميع أسانيده على ما انفصل عليه المحققون من المحدثين ولا عبرة بمن أخرجه اغترارًا بظاهر حال راويه، وقد وضعه أبو الصلت واشتهر به.
ب. «أحبوا العرب لثلاث؛ لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة في الجنة عربي» رواه الحاكم وصححه على عادته، وقال الأئمة: هو ضعيف.
ج. «إن الله خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم» ... إلخ، أخرجه ابن عدي في كتاب الضعفاء، وقال الأئمة: هو حديث ضعيف.
د. «إذا ذلت العرب ذل الإسلام» رواه أبو يعلى في مسنده، قال العراقي في رسالته في فضل العرب: هو حديث صحيح، قال المناوي: وفيه ما فيه.
هـ. «بعثت لأتمم صلاح الأخلاق» رواه الحاكم والبيهقي وهو ضعيف.