قرأت في مجلة هدى الإسلام رغبتكم مني في بيان حال الحديث الذي رواه عبد الرزاق بسنده إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في أولية خلق النور النبوي ولولا سبق الخوض في هذا الحديث لرأيت أجدر بأهل العلم من الأمة الإسلامية الاهتمام بتمحيص ما ينبني عليه عمل نجيح أو اعتقاد صحيح، وأن يوفروا زمانهم فيما هم إليه أحوج فإن الزمان نفيس.
إن ما يشتمل عليه الكتاب والسنة من أخبار عالم الغيب إنما قصد منه لفت العقول والقلوب إلى ما وراء المحسوس حتى يؤمنوا به مجملاً، ثم يقبلوا على تعلم علم يرجوه مني درايةً وعملاً.
ولكن للعلم سلطانًا على جميع الحقائق فإذا ثارت المناقشات وتولدت المباحثات، فليس للعلماء ملازمة السكوت وعليهم أن يمدوا طلبة الحقائق بتحقيق ينعش ويقوت.
وإن قدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدر منيف وهو في غنية عن إمداده بحديث صحيح أو ضعيف، وإن الله خص هذه الأمة بصحة الإسناد، وأغناها بمرعى السعداء مراعي القتاد لذلك حق على علمائها إن عرض من الآثار ما فيه مغمر أن يكشفوا عن حقيقته فإن الكشف عن الحقائق أحمر.
[متن هذا الحديث]
قال صاحب المواهب اللدنية: «روى عبد الرزاق بسنده، عن جابر بن عبد الله قال: قلت يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله تعالى قبل الأشياء، قال: «يا جابر إن الله تعالى قد خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنس،