للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حديث من سئل عن علم فكتمه]

هذا الحديث رواه أبو داود بسند رجاله من رجال الصحيح، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة»، ورواه ابن ماجه بسند فيه ضعف عن أنس مرفوعًا بمثل ذلك، وعن أبي هريرة أيضًا مثله بزيادة: «عن علم يعلمه»، ورواه ابن ماجه بأسانيد عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من رجل يحفظ علمًا فيكتمه إلا أُتي به يوم القيامة ملجمًا بلجام من النار»، ورواه أيضًا بسند أكثر أهله من رجال الصحيح وفيه صفوان ابن سليم وهو متكلم فيه عن أبي سعيد الخدري، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كتم علمًا مما ينفع الناس في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من النار»، ورواه الترمذي عن أبي هريرة، وقال: حديث حسن، وروي عن ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وعمرو بن العاص مرفوعًا بأسانيد ضعيفة متفاوتة الضعف فهذا تحصيل القول في أفضل أسانيده.

معنى هذا الحديث:

ظاهر هذا الحديث أنه عام في كل مسؤول عنه وفي كل سؤال؛ لأن قوله: «سئل» فعل في سياق الشرط فيعم؛ لأن للفعل حكم النكرة فيؤول إلى معنى: كل من سئل بكل سؤال عن كل علم فكتمه ألجمه الله .... إلخ.

ويستتبع ذلك عموم الأحوال والأزمنة والأمكنة؛ لأن العام في الذوات عام في الأحوال والأوقات والأماكن عند جمهور أهل الأصول خلافًا للقرافي، فظاهره يقتضي: أن كل مسؤول عن كل علم إذا كتم سائله عوقب يوم القيامة بلجام من نار، وترتيب العقوبة على عدم الجواب يقتضي أن الكتمان كبيرة ويقتضي أن ضده وهو جواب السائل عن علم واجب؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده، هذا ظاهر الحديث.

وقد اتفق العلماء على أن هذا الظاهر غير مراد، ووجه اتفاقهم على ذلك: أن العقوبة تدل على كون ما ترتبت عليه كبيرة، وقد دلت الأدلة الشرعية من المنقول والمعقول أن جواب العالم عما يسأل عنه ليس بواجب في جميع الأحوال، وأن كون

<<  <   >  >>