طالعت في مجلة هدى الإسلام الغراء في عددها التاسع من سنتها الثالثة اقتراحًا من الأستاذ الفاضل السيد حسين إبراهيم موسى يدعو فيه صاحب المجلة أن يلتمس مني إبانة رأيي في مسألتين: حديث: «شفاعتي لأمتي لأهل الكبائر من أمتي»، وأحاديث ظهور المهدي، ورأيت الفاضل السيد صاحب المجلة يعزز ذلك الاقتراح ويمتح من تمادي ما ينتزعه من العذب القراح، فأسأل من الله الذي حسن بي ظنهما الإعانة على تحصيل ما يقنعهما.
فأما حديث:«شفاعتي لأهل الكبائر»، فإني أرجئ الجواب عنه إلى ما بعد، وأما الآثار المروية في مجيء المهدي، فالخوض فيها أولى فنجعل الآخر ما له تعلق بالآخرة والأول ما له تعلق بالأولى.
[تمهيد]
إن واجبات الدين ترجع إلى ثلاثة أنواع: اعتقادات، وأعمال، وآداب، وإن التصديق بظهور المهدي في آخر الزمان لا ينزوي تحت تلك الأنواع؛ إذ ليس هو من الأمور التي يجب اعتقادها في ضمن العقيدة الإسلامية، فسواء على المسلم أن يعتقد ظهور المهدي أو يعتقد عدم ظهوره، وليس العلم بذلك من قبيل العلم الواجب طلبه على الأعيان ولا على وجه الكفاية بحيث إذا قام به البعض سقط عن الباقين؛ إذ ليس العلم بذلك راجعًا إلى الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر ولا إلى ما يتبع ذلك مما يترتب عليه تحقيق وصف الإيمان عند طوائف المسلمين أو عند بعضهم.
ولا هو من الأمور العملية؛ إذ ليس بعمل كما هو واضح، ولا يترتب عليه اختلاف أحوال الأعمال الإسلامية، ولا هو من الأمور الراجعة إلى آداب الشريعة التي يجب التحلي بها والتخلي عن أضدادها كأن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، وأن يجتنب الكبر والحسد والغيبة ونحوها.
فإذ قد خلا عن الاندراج تحت واحد من هذه الأنواع الثلاثة من أمور الدين تبين