للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرةٍ وهو مُتضمخ بطيب؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة فجاءه الوحي فلما سُري عنه قال: «أين السائل عن العمرة؟ » قلت: أنا يا رسول الله، قال: «اخلع عنك الجبة واغسل أثر الخلوق عنك وأنق الصفرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك»، فهذا الإخبار عن حكم العمرة نزل فيه وحي ولم ينزل فيه قرآن، وظاهر الحال يقتضي أن الوحي للنبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الساعة نزل لأجل جواب السائل عن العمل في العمرة، على أنه يحتمل أن يكون سؤال السائل صادف وقت نزول الوحي بقرآن وأن تأخير جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه كان لأجل الاشتغال بتلقي قرآن ينزل لا لترقب نزول وحي لجواب السائل، وهو احتمال بعيد، ومسألة كون جميع الأحاديث موحى بها مسألة مبنية على الخلاف في وقوع الاجتهاد من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشرعيات.

وبما تقرر تكون الأقوال التي ينطق بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أنواع: أعلاها: القرآن وهو معلوم، الثاني: الحديث القدسي وهو الذي بحثنا في شأنه ولابد فيه من نسبة قول إلى الله، الثالث: الحديث النبوي وهو ماعدا القرآن والحديث القدسي.

وقد تتبعت ما في كتاب الأحاديث القدسية للجنة القرآن والحديث، فوجدت ما يحق أن يعد حديثًا قدسيًا أربعة وخمسين حديثًا وفي أكثرها روايات ألغينا إثباتها. فنحو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين: «ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» يشبه أن يكون قدسيًا وليس بالقدسي؛ لأنه قول إلهي متعلق بأحوال قوم مخصوصين.

ونحو قوله في حديث الموطأ: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيقول الله لهم: كيف تركتم عبادي» الحديث ليس بقدسي؛ لأنه حكاية قول من الله للملائكة وليس قولاً يراد تبليغه، وإنما المراد تبليغ القصة كلها بما اشتملت عليه.

ونحو حديث: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا ويكره لكم ثلاثًا» الحديث ليس بحديث قدسي؛ لأنه نسبة فعل إلى الله لا نسبة قول، وكذلك حديث: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان في اللسان، ثقيلتان في الميزان؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم».

وهذه أرقام الأحاديث التي يحق أن تعد قدسية وهي الأرقام المرقم بها في كتاب

<<  <   >  >>