المعنى في قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون تعيين لفظ، أي: بواسطة الملك أو بالإلهام.
وتقتضي أن كل ما حكي في الأحاديث من أقوال منسوبة إلى الله تعالى تعتبر حديثًا قدسيًا، فيدخل فيه ما يجري من حكاية محاورات ومقالات فيها كلام الله تعالى مع بعض عباده.
وفي شرح جمع الجوامع للمحلي عند تعريف {المص}[الأعراف: ١] بقوله: «القرآن اللفظ المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته».
قال المحلي:«فخرج بالمنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - عن ان يسمى قرآنًا الأحاديث غير الربانية، وخرج بالإعجاز الأحاديث الربانية» أ. هـ. وهذا يتضمن تعريف الحديث الرباني، أي: القدسي، ويؤخذ منه أنه موحى بلفظه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن لفظه ليس للإعجاز ولا متعبدًا بتلاوته، فاقتضى أن لفظ الحديث القدسي موحى به بعينه، وإذا لم يكن لنا طريق إلى معرفة كون الكلام الذي يحكى به قول من الله تعالى في الأحاديث النبوية أهو عين ما أوحي بلفظه، أم هو كلام يرادفه؟ ! تعين علينا أن نتوسمه من صيغة حكاية راويه.
وكلام المحلي والطيبي يزيدان بالتصريح بأن لفظ الحديث القدسي موحى به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظه؛ ولكنه يجوز أن يروى بلفظ آخر مساوٍ للفظه في أداء المعنى المراد، على نحو ما ذكروا في رواية حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعنى وجوازها في قول الأكثر، فاختلاف عباراتهم في تحديد الحديث القدسي يزيد بعضها على بعض لكن بعضها يكمل بعضًا ويتممه، فالتخالف بينها من قبيل التداخل.
والذي أستخلصه من مجموع كلامهم وحمل بعضه على بعض للجمع بينه أن نقول: الحديث القدسي: «هو كلام من الله تعالى صادر منه في الدنيا، غير مخاطب به معين، موحى به إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بألفاظ معينة غير مقصود بها الإعجاز ولا التعبد بتلاوتها، ليبلغها إلى الناس، مع تفويض التصرف في ألفاظها بما يؤدي المقصود».
فقولنا:«كلام من الله» جنس شامل لكل لفظ يتضمن مراد الله، فشمل القرآن وما يحكى من أقوال تصدر من الله زجرًا للكفار أو الشياطين.
وخرج بقولنا:«صادر في الدنيا» ما هو إخبار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أقوال تصدر من الله يوم القيامة أو صدرت منه قبل إهباط آدم إلى الأرض، أو إخبار عن