للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الشواهد لذلك نكتة تاريخية قل من يتفطن لها وهو ما وقع في ظهير الخليفة القادر بالله الذي أصدره للسلطان يمين الدولة محمود الغزنوي بولاية خراسان فقد جاء فيه: وليناك كورة خراسان ولقبناك يمين الدولة بشفاعة أبي حامد الإسفراييني.

والمراد بالشفاعة الثابتة لرسول الله شفاعته يوم القيامة للناس عند الله تعالى لدفع ما يلاقونه من العذاب؛ وإذ قد أراد الله تعالى إكمال الفضائل لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - كان من جملة ما أعطاه أن أعطاه فضيلة الشفاعة وسماها بالمقام المحمود فقال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)} [الإسراء: ٧٩]، تكميلاً لفضائله في الآخرة على حسب ما له من السؤود عند الله تعالى، فقد أعطى أهل السيادة الدنيوية الزائلة، خصلة الشفاعة الزائلة، وأعطى صاحب السيادة الحقة الدائمة الشفاعة الصادقة في دار الخلود، وخصه بها كما خصه بفضائل لم يشاركه فيها أحد، فقد روى مالك في الموطأ والبخاري ومسلم في صحيحهما عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلت لي الغنائم، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أنس بن مالك وأبي هريرة وحذيفة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد وتدنو الشمس من رؤوس الخلائق فيبلغ الناس من الكرب والغم ما لا يطيقون فيهتمون لذلك فيلهمون فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يُريحنا من مكاننا، ثم ذكر أنهم يأتون آدم، ثم نوحًا، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى (فكل يعتذر) وأن عيسى يقول: ائتوا محمدًا عبدًا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: فيأتوني فأستأذن على ربي فيأذن لي، فإذا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله، ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك، قل تسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي، ثم أشفع فيحد لي حدًا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدًا».

- ووصف مثل مما وصف في المرة الأولى «ثم أشفع فيحد لي حدًّا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة- قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة- فأقول ما بقي في

<<  <   >  >>