الشرعية من أولياء النساء، ظناً من الجميع في بادئ الأمر عدم جواز ذلك، وأن من هو في مثل حال الخاطب لا يُعَدُ حالهُ من الحاجات والضروريات التي يباح لها كشف المرأة لوجهها، لإمكان الاستعاضة عنه بأن تنعت المرأة المرأة، وقد كان ذلك معروفاً عندهم ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه:(لا تُباشِرُ المرأة المرأة فَتنعَتها لِزَوجِها كأنه ينظُرُ إليها) متفق عليه، وقد بوب له الإمام النووي في رياض الصالحين (باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلا أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه) وهذا موجود أيضا في كتب الفقه حيث ذكروا في مسألة نظر الخاطب وأنه يجوز في حال أن وُصفت له ولو لم يرها، بل وكان مثل ذلك موجودا من عهد قريب يتزوج الرجل مكتفياً بوصف أهله وقرابته، فكيف بمن كانوا قريبي العهد بنزول الآيات، فكان في بيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم بجواز ذلك في أكثر من مناسبة ولأكثر من صحابي، وبأكثر من طريقة ما يفسر لهم أن كشف المرأة لوجهها عند خطبتها مسموح به وداخل فيما نصت عليه الآية الكريمة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}.
وهذا نوع وشكل من أشكال التفسير الذي كان يفسر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن لصحابته، حيث كان يفسره بالمثال والواقع من حياتهم، وهم عندما فسروه لمن بعدهم فسروه كما تعلموه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر الأمثال والأحوال من واقع الناس، واكتفوا في تعليم الناس المراد من الآيات في كتاب الله بمثل ذلك، وتهيباً من أن يفسروا القرآن على سبيل الإملاء والإنشاء بعبارات من عند أنفسهم.