ث- أن الوجه والكفين ليسا من العورة عندنا، لأنه ليس على المرأة سترهما على كل حال كبقية جسدها، وإنما يجب سترهما عند وجود الرجال الأجانب، ممن تتحقق فيهم شروط وتنتفي عنهم موانع فلا يجب عليها الستر من الطفل الصغير ولا من محارمها من الرجال ولا من غير ذوي الإربة من الرجال، فنتفى عندهم كونه عورة.
فكما لا يجوز كشفها لوجهها إلا للضرورة، فكذلك لا يجب عليها تغطيته على كل حال، كما في بقية عورتها المغلظة ونحوها، فوجوب الستر هو عند وجود الرجال الأجانب فقط، ولهذا فلو كانت سائرة في طريقها، وعلمت خلوه من نظر أحدهم لها لم يجب عليها ستر وجهها عند كثير من أهل العلم وكان في حقها سنة ومستحب كما قاله القاضي عياض وغيره، ومثله لو كانت مع أحد محارمها من زوج أو نحوه في مكان خالٍ لا يراها الرجال فلا يجب عليها تغطية وجهها لمجرد خروجها.
- فإذا قيل لهم إذا لم يكن السبب عندكم فيما فرضه الله على النساء من ستر الوجه والكفين كونهما من العورة، فما هي العلة والمقصد للشارع من طلبه ذلك؟
قالوا: العلة عندنا هي الفتنة والشهوة فإن المرأة مظنة الفتنة والشهوة، ولهذا أمرن بستر وجوههن عن الرجال، وهذا أظهر وأقوى وأسلم من قول من قال العلة كونهما عورة.