وهكذا هنا وجدنا عدم ذكر للوجه والكفين فيما يبدو عند الرخصة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} فاحتطنا في تفسير الرخصة بهذا القدر لما يظهر غالبا منها على مسائل الفقه، مع أن الإجماع على جواز ذلك أيضاً، واستدللنا لمن طالبنا بالدليل على تحديد هذا القدر حال الرخصة بالقياس بأنه هو الذي يظهر في صلاتها، وبأنه مما يظهر عادة وعبادة، وبأنه ليس عورة على قواعدنا ولأنه هو القدر الغالب الذي تحتاج لكشفه في تلك الأحوال الضرورية التي مثل لها الفقهاء في كتبهم كالشهادة والتقاضي وتوثيق التعاملات لمعرفة شخصها وللرجوع عليها أو لها ونحو ذلك، وبعضنا استأنس بأثر أسماء وعائشة لأنه ذكر فيه تحديد الوجه والكفين وهو أيضا من قبيل القياس أو أن المتقدمين كانوا يحملونه على ما يظهر من المرأة حال الرخصة وفي صلاتها.
ولهذا لن تجدوا في كتبنا ولا كتب أئمة المذاهب الأربعة من استدل به أو بغيره من أدلة أهل السفور اليوم وقال أنها أدلة لجواز أن تسفر المرأة عن وجهها بدون سبب مبيح، بالعكس كان فهمنا وفهم السلف والأئمة المتقدمين منا لهذه الأدلة هو فقط في أبواب عورة المراة في الصلاة، والرخص من أبواب النكاح ورؤية الخاطب والشاهد ونحوها، وعلى فرض وجود بعض الأدلة وكون النساء فيها كن كاشفات عن وجوههن، فكانوا يفهمون منها ويستدلون بها على أن الوجه والكفين ليسا بعورة فيجوز ظهورهما عند الضرورة ونحو ذلك، وهذا مغاير تماماً لاستدلالات المتأخرين من أهل السفور فهذه كتب الفقهاء وشراح