للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَكَ كَنْزًا فِي الْجَنَّةِ, وَإنكَ ذُو قَرْنَيْهَا، فَلَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ, فإنمَا لَكَ الأولى، وَلَيْسَتْ لَكَ الآخرة ".

قال حدثنا ... عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَظْرَةِ الفجأة، قَالَ: " اصْرِفْ بَصَرَكَ " قال حدثنا ... عَنِ ابن بُرَيْدَةَ , عَنْ أبيهِ, رَفَعَهُ مِثْلَهُ. يَعْنِي أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِعَلِيٍّ: " يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ , فإنمَا لَكَ الأولى, وَلَيْسَتْ لَكَ الثانية " وحدثنا ... عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " النَّظْرَةُ الأولى لَكَ, وَالآخرة عَلَيْكَ ". قَالُوا: فَلَمَّا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ النَّظْرَةَ الثانية, لأنهَا تَكُونُ بِاختيار النَّاظِرِ, وَخَالَفَ بَيْنَ حُكْمِهَا وَبَيْنَ حُكْمِ مَا قَبْلَهَا, إذا كانت بِغَيْرِ اختيار مِنَ النَّاظِرِ, دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أنهُ لَيْسَ لِأحد أن يَنْظُرَ إلى وَجْهِ المرأة إلا أن يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنَ النِّكَاحِ أو الْحُرْمَةِ, مَا لَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهَا.

فَكان مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِأهل المقالة الأولى (١) , أن الَّذِي أباحهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الآثار الأول, هُوَ النَّظَرُ لِلْخِطْبَةِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ, فَذَلِكَ نَظَرٌ بِسَبَبٍ هُوَ حَلَالٌ. ألا ترى أن رَجُلًا لَوْ نَظَرَ إلى وَجْهِ امرأة, لَا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِيَشْهَدَ عَلَيْهَا وَلِيَشْهَدَ لَهَا أن ذَلِكَ جَائِزٌ. فَكَذَلِكَ إذا نَظَرَ إلى وَجْهِهَا لِيَخْطُبَهَا كان ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ أيضا. فَأما المنهي عَنْهُ فِي


(١) أي حجة القائلين بجواز نظر الخاطب وغيره كالشاهد ونحوهم ممن سيذكرهم آنفا.

<<  <   >  >>