الفرج الجوزي. يعني صفراء أو زرقاء. وقيل رمصاء. الأمر بالنظر إلى المخطوبة إنما هو على جهة الإرشاد إلى المصلحة، فإنه إذا نظر إليها فلعله يرى منها ما يرغبه في نكاحها، ومما يدل على أن الأمر على جهة الإرشاد ما ذكره أبو داود من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل». فقوله:«فإن استطاع فليفعل» لا يقال مثله في الواجب (١). وبهذا قال جمهور الفقهاء مالك والشافعي والكوفيون وغيرهم وأهل الظاهر. وقد كره ذلك قوم لا مبالاة بقولهم، للأحاديث الصحيحة) انتهى كلام القرطبي.
قوله:(وقد كره ذلك قوم لا مبالاة بقولهم) وصدق رحمه الله لا مبالاة بقولهم لأنها مصادمة لنصوص القرآن والسنة في جواز أن ينظر الخاطب لمن أراد خطبتها، ولكن أليس الغريب أن ينقل لنا قول من لا مبالاة بقولهم ممن كرهوا نظر الخاطب للمخطوبة ولا ينقل لنا قول أبي حنيفة ومالك ورواية عن الشافعي وأحمد في جواز خروج النساء مكشوفات الوجوه بلا سبب من خاطب ولا غيره، وكما ينسبه إليهم دعاة السفور؟ فلو كانت النساء يخرجن مكشوفات في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يقول الألباني غفر الله لنا وله، لو كان الأمر كذلك هل سيتطرق في ذهن من بعدهم من أولئك المانعين أن نظر الخاطب يعد مكروها
(١) معناه لو أراد الزواج من غير أن ينظر للمرأة كما أرشده الشارع فله ذلك، فليس أمر الشارع بالنظر للمخطوبة واجب لقوله: «فإن استطاع فليفعل» وهذا إرشاد صارف الأمر عن الوجوب والحتم.