قوله تعالى:{وَمَا كان لَكُمْ أن تُؤْذُوا رَسُولَ الله} يعني ما بيَّن في هذه الآية من إيجاب الاستئذان وتَرْكِ الإطالة للحديث عنده والحجاب بينهم وبين نسائه. وهذا الحكم وإن نزل خاصّاً في النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه فالمعنى عام فيه وفي غيره، إذ كنّا مأمورين باتباعه والاقتداء به إلا ما خصه الله به دون أمته) انتهى.
ولتتأكد أكثر انظر قوله في الآية بعدها.
١٠ - قال الإمام الجصَّاص عند آية الإدناء:
(قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بسَتْرِ وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن. وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها سَتْرُ وجهها وشعرها؛ لأن قوله تعالى:{وَنِسَاءِ المؤمنين} ظاهره أنه أراد الحرائر، وكذا رُوي في التفسير، لئلا يكنَّ مثل الإماء اللاتي هنّ غير مأمورات بستر الرأس والوجه، فجعل الستر فرقاً يعرف به الحرائر من الإماء. وقد رُوي عن عمر أنه كان يضرب الإماء ويقول: اكشفن رؤوسكنّ ولا تَشَبَّهْنَ بالحرائر) انتهى كلام الجصاص.
أليس هو من قال في السابق:(وَيَدُلُّ عَلَى أن الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ المرأة لَيْسَا بِعَوْرَةٍ أيضا أنهَا تُصَلِّي مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ وَاليدين).
فهل قولهم بأن الوجه والكفين ليسا من العورة منعهم من أن يقولوا بالأمر بوجوب سترهما عن الرجال الأجانب؟ .