للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فـ (ما ظهر) على هذا الوجه مما تؤدّي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه (١).

قلت: هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورَهما عادةً وعبادةً وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعاً إليهما. يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها «أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رِقاق، فأعرض عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لها: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرَى منها إلا هذا، وأشار إلى وجهه وكفّيه» فهذا أقوى في جانب الاحتياط؛ ولمراعاة فساد الناس فلا تُبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفّيها، والله الموفق لا ربّ سواه. وقد قال ابن خُوَيْزِمَنْدَاد من علمائنا: أن المرأة إذا كانت جميلة وخِيف من وجهها وكفّيها الفتنةُ فعليها سَتر ذلك وإن كانت عجوزاً أو مُقَبَّحة جاز أن تكشف وجهها وكفّيها) انتهى.

فلاحظ قول القرطبي عندما قال: (قلت: هذا قول حسن) يقصد كلام ابن عطية ثم ما لبث أن رجع وتعقبه (إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورَهما عادةً وعبادةً وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعاً إليهما .. فهذا أقوى في جانب الاحتياط .. فلا تُبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفّيها) فهو مثل من سبق معنا أراد تحديد القدر المباح إظهاره للأجنبي بالوجه والكفين


(١) وعلى هذا جميع أئمة التفسير أن الآية رخصة عند الحاجة والضرورة.

<<  <   >  >>