وعندما يقول القرطبي:(فهذا أقوى في جانب الاحتياط، ولمراعاة فساد الناس فلا تُبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفّيها) هل هذا كلام لمن يريد أن يدلل على جواز كشف وجه المرأة في أحوالها العادية يقول (احتياط)(ولمراعاة فساد الناس)(فلا تبدي إلا الوجه والكفين) فهل معناه أن تغطية المرأة لشعرها وغيره ليس بواجب أصلا وأن لها أن تخرج سافرة الشعر والسيقان ولكن للأسباب الأنفة (فلا تبدي إلا الوجه والكفين) أم المناسب هو أن كلامهم في الرخصة التي لم تحدد في الآية فلا تكشف (احتياطا)(ولمراعاة فساد الناس)(فلا تبدي إلا الوجه والكفين)؟ .
لهذا جاء تحديدهم للقدر الغالب بما يظهر منها حال الصلاة وعادة وعبادة واستشهادهم للقدر بحديث أسماء، ولهذا امتلأت كتبهم بعبارات الحاجة والضرورة وذكر الشاهد والقاضي والمتبايع ونحوهم عند تفسيرهم للآية وإباحة نظر الأجنبي للمرأة كما في أبواب الفقه والتفسير المختلفة.
وبلا شك وكما سيمر معنا الكثير أن قولهم بالوجه والكفين هنا إنما هو في حال (الضرورة) و (الرخصة) كما هو كلامهم مرارا وتكرارا، وأنه كذلك القدر المختار (والأولى بالصواب) من أقوال السلف كما قال الطبري كونه الغالب مما تحتاجه، ولأنه يظهر في صلاتها إجماعا، فلم يكن عورة، وزاد بعضهم استدلاله بحديث أسماء استئناسا بالحديث الضعيف كما أشار لذلك ابن كثير في تحديد ذلك القدر أيضا وسيأتي، وقصد استئناس الفقهاء والمحدثين بالحديث الضعيف إذ لم يوجد في