للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سبق معنا تأكيد مذهب المتقدمين من السلف ومن بعدهم من علماء الأمة أنهم على ركن ثابت وخط مستقيم بحمد الله في مسألة فريضة الحجاب فلو رجعوا لكلام القرطبي مثلا لما شك فيه ولا في كلامه السابق أحد ولعلموا مقصده ومراده فهو مثلا في أول آية نزلت في شأن الحجاب قال: (في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مُسآلتهن من وراء حجاب في حاجةٍ تُعرض، أو مسألة يُستَفتَين فيها ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها كما تقدم، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها) (١) إلخ، وهذا بخلاف أيضا كلامه السابق معنا والصريح على آية الإدناء فليراجع.

وأيضا الإمام الطبري حيث مر معنا في آية الإدناء مستهلا تفسيره لها (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن. ولكن ليدنين عليهن ... ) ثم ذكر اختلاف طريقة الإدناء عن ابن عباس وغيره، سواء بطريقة السدل والإرخاء أو بطريقة التثبيت على الوجه بالضرب والشد على الجبين كالتقنع والنقاب والبرقع فحسبوه هناك أيضا أنه من خلاف التضاد.


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ٢٢٧).

<<  <   >  >>