في الحرام فيكون حراما إلا في حالة الضرورة بأن دُعي إلى شهادة أو كان حاكما فأراد أن ينظر إليها ليجيز إقرارها عليها فلا بأس أن ينظر إلى وجهها، وإن كان لو نظر إليها لاشتهى أو كان أكبر رأيه ذلك لأن الحرمات قد يسقط اعتبارها لمكان الضرورة ألا ترى أنه خص النظر إلى عين الفرج لمن قصد إقامة حسبة الشهادة على الزنا؟ ومعلوم أن النظر إلى الفرج في الحرمة فوق النظر إلى الوجه ومع ذلك سقطت حرمته لمكان الضرورة فهذا أولى. وكذا إذا أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس أن ينظر إلى وجهها وإن كان عن شهوة لأن النكاح بعد تقديم النظر أدل على الألفة والموافقة الداعية إلى تحصيل المقاصد على ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين أراد أن يتزوج امرأة «اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يدوم بينكما» دعاه عليه الصلاة والسلام إلى النظر مطلقا وعلل عليه الصلاة والسلام بكونه وسيلة إلى الألفة والموافقة) انتهى من بدائع الصنائع.
أرأيت كيف أن الإمام الحنفي رحمه الله استدل بجواز النظر للفرج ليجوز النظر للوجه، ولو أرادوا سفور الوجه هل سيقارنه بنظر الفرج؟ ولهذا قال:(ومعلوم أن النظر إلى الفرج في الحرمة فوق النظر إلى الوجه ومع ذلك سقطت حرمته لمكان الضرورة فهذا أولى) وأين هم من أدلة أهل السفور اليوم؟ لتعلم أخي الكريم شدة أمر كشف النساء في زمنهم فكيف يتهمونهم بنسبة عكس ما يسطرونه بأيديهم؟ وبهذا يظهر لك مذهب الإمام المبجل أبي حنيفة النعمان رحمه الله. وفي صريح عباراتهم ما يغني عن التعليق.