للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يمكنها ذلك عادة إلا بكشف الوجه والكفين فيحل لها الكشف وهذا قول أبي حنيفة (١) رضي الله عنه وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه يحل النظر إلى القدمين أيضا.

وجه هذه الرواية: ما روي عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها في قوله تبارك وتعالى: {إلا ما ظهر منها} القلب والفتخة وهي خاتم إصبع الرجل فدل على جواز النظر إلى القدمين ولأن الله تعالى نهى عن إبداء الزينة واستثنى ما ظهر منها والقدمان ظاهرتان ألا ترى أنهما يظهران عند المشي فكانا من جملة المستثنى من الحظر فيباح إبداؤهما.

وجه ظاهر الرواية: ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله عز شأنه: {إلا ما ظهر منها} أنه الكحل والخاتم وروي عنه في رواية أخرى أنه قال: الكف والوجه فيبقى ما وراء المستثنى على ظاهر النهي ولأن إباحة النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها للحاجة إلى كشفها في الأخذ والعطاء ولا حاجة إلى كشف القدمين فلا يباح النظر إليهما (٢) ثم إنما يحل النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة منها من غير شهوة فأما عن شهوة فلا يحل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العينان تزنيان» وليس زنا العينين إلا النظر عن شهوة ولأن النظر عن شهوة سبب الوقوع


(١) وبهذا تعلم أن مذهب أبي حنيفة النعمان تحريم كشف المرأة لوجهها بدون سبب مبيح من مثل ما ذكره أهل المذهب أنفسهم.
(٢) وبهذا تعلم أنهم لم يعدوا الوجه والكفين عورة للضرورة لكشفهما كما في بعض الحالات، لا لأنه يباح كشفهما على كل حال بلا ضرورة. فما رأوه أنه ضرورة قالوا ليس بعورة والعكس بالعكس ولهذا اختلفوا في القدمين، وهذا ضابطهم فتنبه بارك الله فيك.

<<  <   >  >>