أجازوا الشهادة من خلف النقاب أو ببعض وجهها، أين نذهب بهذه النصوص؟ فلو سألهم الله عن ذلك، ألن يقولوا يارب هذه ما كتبته أكفنا؟ أجاء فيها أن النقاب كان عندنا سنة أو مستحب؟ ثم يقال أن نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والتابعيات كن يخرجن سافرات الوجوه! والله لم يجرؤ أن يقلها منذ عهد الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإلى قرون عديدة إلا المتأخرون اليوم من أهل السفور.
ومن الفوائد وأهمها والتي تعنينا هنا هي فهمهم للآية على أنها رخصة لأن تبدي المرأة وجهها وكفيها عند الضرورة وما مثلوا به كالشهادة والخاطب والعلاج ونحو ذلك، وتكلموا في القدر الذي يجواز مما يظهر غالباً عند الحاجة، ولهذا اختلف الأحناف والمالكية وغيرهم في ظاهر الكف وباطنه، لدرجة أن أجاز بعضهم الباطن لأنه للأخذ والإعطاء ولم يجوزوا كشف الظاهر لعدم الحاجة لكشفه، فهل يقول دعاة السفور بمثل هذا التفصيل اليوم؟ وكذلك اختلفوا في القدمين هل يجوز كشفهما أم لا؟ وطولوا في مناقشة المسألة، وبيان الحجج لكلا الفريقين، أهذا لكونهم كانوا يقولون أن تغطية الوجه كان سنة ومستحب؟ فمن نسب لهم اليوم أنهم لا يعنون باختلافهم هذا ما يظهر عند الضرورة والرخصة، وإنما يعنون بيان ما يجوز كشفه في أحوالها العادية، هل هو باطن الكف أو ظاهره وهل هما القدمان أم لا؟ مع نسبته لهم أنهم يجوزون كشف الوجه والكفين بلا سبب مبيح، كان بذلك مسفها لهم كمن نسب لهم أنهم رأوا وأصابوا النملة وذهلوا فأخطأوا البعير، فكان معيباً لعقولهم صارفاً الناس عن علومهم.