للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: (روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة, أو يستغني عن المعاملة). كأن توكل في أمور البيع والشراء ونحوها، أو يشهد غيرها، (فأما مع الحاجة وعدم الشهوة, فلا بأس) كأن لم يكن بد من فعل ذلك إلا بنفسها (فلا بأس) (مع الحاجة وعدم الشهوة) لتعرف حقيقة معنى قولهم إذا أمنت الشهوة ولم يخشى فتنة، أنه لناظر مخصوص ممن جاز نظره.

ولتعلم أنهم متفقون مع بقية المذاهب في أن المسألة رخصة وفي الحرص والتشديد عند تعاطيها وذلك بتحديد القدر الذي يظهر منها غالباً بالوجه والكفين، (ومَنْعُ الشابة من كشفه - أي الوجه - لخوف الفتنة لا لأنه عورة) (١) وقولهم كذلك: (تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة) (٢) فلم يرخصوا لهن ما رخصه الشرع وما رخصوه لغيرهن، لغلبة الفساد وقلة الورعين ولغلبة الفتنة بهن وقد مر معنا أن هذا من حق الأئمة وهو رد الناس لضابط الشرع في الضرورات وحتى لا يتساهل الناس عند الرخص بتكشف الشابات اليافعات إلا فيما لا بد منه، ومثل ذلك كثير كقول الإمام أحمد فيما سيأتي معنا: (في الأمة إذا كانت جميلة: تنتقب) رحم الله الجميع.

فسبحان الله! كيف يستشهد القائلون بسفور المرأة من نقلهم لبعض كلام ابن قدامة في المغني فينسبون له ذلك لمجرد قوله: (وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أهل


(١) حاشية الطحطاوي الحنفي على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح (صـ ١٦١).
(٢) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (١/ ٢٨٤) من كتب الأحناف.

<<  <   >  >>