لمجرد أنه قال كما قال غيره أن الخمار يأتي بمعنى ستر الوجه، فكيف وقد سبق معنا قول عائشة رضي الله عنها:(فخمرت وجهي بجلبابي) وقول فاطمة بنت المنذر: (كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات) وغير ذلك ممن نقلنا أقوالهم كالشافعي وغيره فهل في ذلك غرابة حتى ينسب بهذه السهولة التصحيف والخطأ للنساخ وللحافظ ابن حجر، وهل من حققوا نسخ فتح الباري ذكروا مثل هذا الكلام؟ ثم لو كان غير الحافط ابن حجر المعروفة أقواله في وجوب تحجب النساء عن الرجال لأمكن قبول ذلك ولو رجعنا فقط لأقواله فيما نقلناه عنه هنا وهي كثيرة، لرأينا مدى التساهل في إصدار الأحكام ونسبة مذهب السفور للائمة عليهم رحمة الله أو إيهام الناس بذلك، وليس لهم إلا هذا، لانه ليس عندهم سلف من الأئمة يقول بصريح قولهم بتاتاً.
٢١ - قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند "كتاب الأشربة" - باب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامرَ الْعَقْلَ مِنْ الشَّرَابِ-: (فقال أبو بكر بن الأنباري: سميت الخمر خمرا لأنها تخامر العقل أي تخالطه، قال: ومنه قولهم خامره الداء أي خالطه، وقيل: لأنها تخمر العقل أي تستره، ومنه الحديث الآتي قريبا «خمروا آنيتكم» ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها، وهذا أخص من التفسير الأول لأنه لا يلزم من المخالطة التغطية) انتهى كلامه رحمه الله.
٢٢ - وقال الحافظ في الفتح عند شرحه لقول عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك:(فخمرت وجهي) قال: (قوله: فخمرت أي غطيت وجهي بجلبابي أي الثوب الذي كان عليها) انتهى.