للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقسطلاني وابن حجر وغيرهم ممن سبق معنا آنفا، كما هو ظاهر كلامه لمن تأمله، فهو مما له تعلق بمسألتنا في خصوصية أمهات المؤمنين ولهذا يحسن بنا نقله هنا بتمامه ليتضح الأمر.

فقال: ("باب نظر العبد إلى شعور الحرائر" ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» (١) قال أبوجعفر: فذهب قوم من أهل المدينة إلى أن العبد لا بأس، أن ينظر إلى شعور مولاته ووجهها، وإلى ما ينظر إليه ذو محرمها منها ... وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا ينظر العبد من الحرة إلا إلى ما ينظر إليه منها الحر الذي لا محرم بينه وبينها وكان من الحجة لهم في ذلك أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي ذكروا في حديث أم سلمة، لا يدل على ما قال: أهل تلك المقالة، لأنه قد يجوز أن يكون أراد بذلك حجاب أمهات المؤمنين، فإنهن قد كن حجبن عن الناس جميعا، إلا من كان منهم ذو رحم محرم. فكان لا يجوز لأحد أن يراهن أصلا إلا من كان بينهن وبينه رحم محرم، وغيرهن من النساء لسن كذلك لأنه لا بأس أن ينظر الرجل من المرأة التي لا رحم بينه وبينها، وليست عليه بمحرمة إلى وجهها وكفيها، وقد قال الله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ... فأبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرم عليهم من النساء (٢) إلى وجوههن


(١) وهو نفس الحديث الذي تقدم تخريجة وتكلم عليه الإمام الشافعي في خصوصية أمهات المؤمنين، راجع (صـ ٣٦٣).
(٢) قوله (ما ليس بمُحرّم عليهم من النساء) أي اللاتي لا يحرم النكاح بهن من النساء وهن الأجنبيات.

<<  <   >  >>