الأمور على أنه يعني كشفه عند الحاجة، وأنه رأى في كشف الخثعمية سبباً مباحاً، كما سنبينه قريباً، من روايات الحديث وكلام أهل العلم على الحديث، فهو أراد بيان خصوصية حجاب أمهات المؤمنين وعدم جواز كشفهن لوجوههن ولو لحاجة أو سبب مبيح كما هو جائز لغيرهن، ولا أدل على ذلك من ذكره لعبارته السابقة والدالة على خطورة كشف المرأة لوجهها، فلا يمكن من أئمة كأولئك أن يقولوا كلاماً متناقضاً ككلام أهل السفور اليوم، فكلامه ظاهر يقصد به الرخصة لغيرهن لقوله فيه أيضا:(إذا أمنت الفتنة) كما دلت عليه أقوال أهل العلم عند اشتراطهم لجواز نظر الأجنبي عند الضرورة، أن يؤمن منه وعليه الفتنة عند النظر إليها، وكلامه هذا بإجماع أهل العلم لا يجوز النظر للمرأة بلذة وشهوة وفتنة ولو لحاجة أو ضرورة ولو إلى الأمة العبدة، حيث مر معنا منعهم للشاهد وغيره من النظر بلذة ولو لحاجة، فكيف يصح إذا أن نحمل كلام ابن بطال على الجواز دوما وفي الأحوال العادية ومن غير ضرورة ولا حاجة ولعموم الناس وهو في كلامه قد بين خطورة الأمر غاية بيان، وهذه مصيبة المصائب إلا أن يَفهم أهل السفور من كلام ابن بطال أيضا، جواز أن يخرج الرجال والنساء يتلذذون ببعضهم البعض ويمذون عياذا بالله.
كما أن قول ابن بطال:(وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -)، فهذه وحدها كافية لفهم مراده ومعناه، وتأكيد لما قلناه من أنه أراد خصوصية أمهات المؤمنين وبيان الرخصة لغيرهن فيما يظهر عند الضرورة.