وهنا نقل كلام القاضي عياض والطحاوي وابن بطال وغيرهم على فهم ومراد من قال أن ستر الوجه فرض على أمهات المؤمنين فقط، بالمعنى الذي فهمه أولئك المبتدعة - هدانا الله وإياهم - مع أن الشيخ الألباني لا يقول بذلك، بل يقول هو سنة ومستحب لهن ولجميع النساء، ولا شك أن هذا القول بدعة أيضاً، فأين هذا من قول جمهرة من العلماء ممن قال بعدم ظهور حتى أشخاصهن أصلاً، وما قالوه من نوع خصوصية التشديد والتغليظ عليهن في امر الحجاب، فضلا عمن قال - على أقل الأحوال - إنهن في باب النظر ونحو ذلك كالأجنبيات، فأين السلف الذي له ويدعي رحمه الله متابعتهم؟ فتركهم جميعاً وترك الإجماع من فحول أهل العلم والفضل ممن ألفوا وصنفوا ونقلوا وحققوا طوال أربعة عشر قرناً، وفي أكثر من موضع، وأستشهد بنقولات حديثي الأفهام المتعارضة مع كلامه، حيث تبعهم بفهمهم المعكوس والمحرف والمبدل والمصحف عن معناه ومقصده عند أصحابة من أهل العلم الأجلاء، فكيف رفض الاستدلال بنصفه وقبل نصفه الآخر؟ .
ولا شك أنها زلة منه رحمه الله تعالى، لا يقصد إلا الخير وبيان السنة، وهكذا هي الأمور فمن بدأ الطريق خطأ وخرج عن دائرة الحق في مسألة من المسائل، فلا يزيده السير فيها إلا زيادة في الأخطاء، حتى ظن أن من قال أن الوجه ليس بعورة، فهو يعنى كشف المرأة لوجهها، فكان في كتابه الأخير، "الرد المفحم" من ... كثرة الأخطاء والنسب المغلوطة، وغير ذلك مالا يحصى ولا يعد، ... وليس الغرض عندي تتبع أخطاء الشيخ بقدر الحرص على الإلمام