للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكشفه على كل حال كما يريده أهل السفور اليوم فتناقضوا وناقضوا كلام أهل العلم وحاروا في الجمع بين أقوالهم، إذ كيف يوجب الفقهاء على المحرمة كشف وجهها ثم يجمعون مع ذلك على ستره والستر كما ينسبونه لهم سنة ومستحب؟ فكيف تغلب السنة والمستحب ما هو واجب وهو كشفها لوجهها حال الأحرام؟ هذا عجيب لا يمكن أن يمر على المتقدمين وبخاصة أن منهم من حرم تغطية المرأة لوجهها لدرجة الفدية وذلك في حال أن سترته لا تريد ستراً من أعين الرجال، ثم يفهمون من قول عائشة عند البيهقي (إن شاءت) الاختيار في ستر وجهها ويستدلون بمثل هذه الزيادة المتفردة - إن صحت - على أن المرأة كانت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سافرة بين الرجال، فهل قالت عائشة رضي الله عنها (إن شاءت) وهي بين الرجال؟ وهل فعلت عائشة ما فهموه ولو لمرة واحدة أم كان فعلها وقولها حين سترت وجهها وهي محرمة مع أختها أسماء ونساء المسلمين مخبراً عموم الناس بعكس ما فهموه، إنما قالت: (المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران ولا تتبرقع ولا تلثم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت) (١)، فلعلها أرادت (إن شاءت) جواز الستر ولو لم يكن هناك رجال، كما حققه كثير من أهل العلم وهو أن المحرمة إنما نهيت عن النقاب ونحوه ولم تُنهى عن مطلق ستره، ولم تؤمر بكشف وجهها في الإحرام، وحتى لا


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "باب المرأة لا تتنقب فى إحرامها ولا تلبس القفازين".

<<  <   >  >>