للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برهان ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... } الآيَةَ. فَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الآيَةِ: زِينَتَهُنَّ زِينَةً ظَاهِرَةً تُبْدَى لِكُلِّ أَحَدٍ وَهِيَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَقَطْ، وَزِينَةً بَاطِنَةً حَرَّمَ عَزَّ وَجَلَّ إبْدَاءَهَا إِلاَّ لِمَنْ ذَكَرَ فِي الآيَةِ ... وَقَدْ أوضَحْنَا فِي " كِتَابِ الصَّلاَةِ " أن المرأة كُلَّهَا عَوْرَةٌ إلا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ فَحُكْمُ الْعَوْرَةِ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا) انتهى كلام ابن حزم رحمه الله.

وقوله: (فَحُكْمُ الْعَوْرَةِ سَوَاءٌ) قصده أي في الصلاة وخارج الصلاة فيجوز للأجنبي النظر إليه، وأنت ترى أنه لم يعد الوجه والكفين من العورة وهو نفس الاستنتاج الذي قال به من حدد القدر مما ينكشف من المرأة حال الضرورة والصلاة وهم كثير من المفسرين والفقهاء، وإن كانت استدلالات أولئك أكثرها قياسية، بعكسه هو فإنه لا يأخذ به، ولهذا ذكر حديث الخثعمية مرة أخرى في المُحَلى من - كتاب الصلاة - وقال إنها كانت كاشفة لوجهها: (فَلَوْ كان الْوَجْهُ عَوْرَةً يَلْزَمُ سَتْرُهُ لَمَا أَقَرَّهَا عليه السلام عَلَى كَشْفِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَلأمرها أن تُسْبِلَ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقٍ، وَلَوْ كان وَجْهُهَا مُغَطًّى مَا عَرَفَ ابن عَبَّاسٍ أحَسْنَاءُ هِيَ أم شَوْهَاءُ فَصَحَّ كُلُّ مَا قُلْنَاهُ يَقِينًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرا).

ولأنه ظاهري يريد أن يستدل بهما على أن الوجه والكفين ليسا بعورة في الصلاة ولا عند الحاجة فيجوز ظهورهما في هذين الحالين للخاطب والشاهد وغيرهم، وقد ثبت معنا مما تقدم أنه وإن جاء عن بعض أهل العلم ممن مر بحديث الخثعمية واستنتج أنها كانت كاشفة عن وجهها،

<<  <   >  >>