وَقَد ذَهَبَ بَعْضُ مَنْ وَهَلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تعالى:{يدنين عليهن من جلابيبهن ذَلِكَ اَدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب: ٥٩]، إلى أنهُ إنمَا أمر اللَّهُ تعالى بِذَلِكَ لأن الْفُسَّاقَ كانوا يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ لِلْفِسْقِ فَأمر الْحَرَائِرَ بِأن يَلْبَسْنَ الجلابيب لِيَعْرِفَ الْفُسَّاقُ أنهُنَّ حَرَائِرُ فَلاَ يَعْتَرِضُوهُنَّ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَنَحْنُ نَبْرَأ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ الْفَاسِدِ الَّذِي هُوَ: إما زَلَّةُ عَالم وَوَهْلَةُ فَاضِلٍ عَاقِلٍ أو افْتِرَاءُ كَاذبٍ فَاسِقٍ؛ لأن فِيهِ أن اللَّهَ تعالى أطْلَقَ الْفُسَّاقَ عَلَى أَعْرَاضِ إماءِ المسلمين وَهَذِهِ مُصِيبَةُ الأبدِ وَمَا اختلف اثْنَان مِنْ أهل الإسلام فِي أن تَحْرِيمَ الزِّنَا بِالْحُرَّةِ كَتَحْرِيمِهِ بالأمة وَأن الْحَدَّ عَلَى الزَّاني بِالْحُرَّةِ كَالْحَدِّ عَلَى الزَّاني بالأمة وَلاَ فَرْقَ، وَأن تَعَرُّضَ الْحُرَّةِ فِي التَّحْرِيمِ كَتَعَرُّضِ الأمة وَلاَ فَرْقَ وَلِهَذَا وَشِبْهِهِ وَجَبَ أن لاَ يُقْبَلَ قَوْلُ أحد بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ إلا بِأن يُسْنِدَهُ إليه عليه السلام.
حدثنا - ثم ساق بالسند - عَنْ عَائِشَةَ أم المؤمنين أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ حَائِضٍ إلا بِخِمَارٍ.