للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بَكْرٍ عَنْ أمهِ أنهَا سَاَلَتْ أم سَلَمَةَ أم المؤمنين: فِي كَمْ تُصَلِّي المرأة. قَالَتْ: فِي الدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُوَارِي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَفِي الخمار.

قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي خِلاَفِ هَذَا وَعَنْ غَيْرِهِ (١) وَلَكِنْ لاَ حُجَّةَ فِي أحد دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإذا تَنَازَعَ السَّلَفُ رضي الله عنهم وَجَبَ الرَّدُّ إلى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تعالى الرَّدَّ إليه: مِنْ القرآن وَالسُّنَّةِ؛ وَلَيْسَ فِي القرآن وَلاَ فِي السُّنَّةِ: فَرْقٌ فِي الصَّلاَةِ بَيْنَ حُرَّةٍ، وَلاَ أمةٍ ... فإن قَالُوا: قَدْ جَاءَ الْفَرْقُ فِي الْحُدُودِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالأمة.

قلنا: نَعَمْ وَبَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَلِمَ سَاويْتُمْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِيمَا هُوَ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلاَةِ وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالأمة فِيمَا هُوَ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلاَةِ، وَقَدْ صَحَّ الإجماع وَالنَّصُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّلاَةِ عَلَى الأمة كَوُجُوبِهَا عَلَى الْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ أحكامهَا مِنْ الطَّهَارَةِ وَالْقِبْلَةِ وَعَدَدِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمِنْ أينَ وَقَعَ لَكُمْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَوْرَةِ وَهُمْ أصحاب قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ؟ وَهَذَا مِقْدَارُ قِيَاسِهِمْ الَّذِي لاَ شَيْءَ أسْقَطَ منه وَلاَ أشَدَّ تَخَاذلاً، فَلاَ النَّصَّ اتَّبَعُوا وَلاَ الْقِيَاسَ عَرَفُوا وَبِاَللَّهِ تعالى التَّوْفِيقُ) انتهى كلام ابن حزم.


(١) يقصد من مثل ما نقله الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (٤٦٩) "باب شروط الصلاة": (حديث عمر: أنه رأى أمة سترت وجهها فمنعها من ذلك وقال: أتتشبهين بالحرائر؟ البيهقي من طريق صفية بنت أبي عبيد قالت: خرجت أمة مختمرة متجلببة، فقال عمر: من هذه المرأة؟ فقيل: جارية بني فلان، فأرسل إلى حفصة، فقال: ما حملك على أن تخمري هذه المرأة، وتجلببيها وتشبهيها بالمحصنات حتى هممت أن أقع بها، لا أحسبها إلا من المحصنات؟ لا تشبهوا الإماء بالمحصنات) انتهى. وقد روي بعدة طرق وروايات مر بعضها معنا عند تفسير آية الإدناء، قال الألباني في الإرواء (٦/ ٢٠٣): (هذا سند على شرط مسلم) انتهى. وقال في نصب الراية (٤/ ٣١٨): (قال البَيهقي: والآثَار بذلكَ عَنْ عُمَرَ صَحِيحَةٌ).

<<  <   >  >>