للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهن داخل هوادجهن، فلم يكن النساء متوافرات على التكشف أمامهم ولهذا أخذ يتلفت إليهن لما مررن مما تعلم أن الأمر لم يكن من قبل متيسرا أمامه، كحال الكاشفات عن وجوههن اليوم هدانا الله وإياهن، ولهذا كثرت المصائب والمفاسد.

فقد كان ركوب الهوادج كثيراً ومشهوراً ومعروفاً خاصة للنساء في الأسفار البعيدة لحمايتهن من أحوال الطقس الحارة أو الباردة أو الرياح ولراحتهن وسترهن عن أعين الرجال، كما ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها بقولها في قصة حادثة الإفك: (فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم إنما تأكل العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا) (١)، ولاحظ قولها: (وكان النساء إذ ذاك خفافا ... فلم يستنكر القوم خفة الهودج) مما تعلم معه أن أمر الحجاب كان يعمهن جميعاً فلم يكن منهن امرأة تتكشف أبداً لا خثعمية ولا غيرها، ولهذا لم تخبر أو تشر عن ذاك الواقع عندهم بأنه كان خاصا بأمهات المؤمنين.

وقد مر معنا ذكر الهوادج أيضا عند نقل كلام السيوطي في خصوصية أمهات المؤمنين وحج عثمان رضي الله عنه بهن كما بيناه في مبحث الخصوصية؛ لأن المرأة في الهودج تأخذ راحتها في كشفها ولعله لذلك أخذ الفضل يسترق الزوايا للنظر إليهن وهن في الهوادج، وإنما ذُكرت


(١) متفق عليه.

<<  <   >  >>