الخثعمية في الحديث لقُربها لما كان أبوها قريب يساير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها له وهي تسأله وتستفتيه في الحج عن الكبير.
ولعله لذلك كان هو وحده من بين من رووا القصة والذي وصفها بالحُسن، حيث لم يرد عن غيره هذا الوصف مما يُشعر أنها لم تكن كاشفة أصلا ويقصد حسنها الظاهر كما مر معنا أو لم يكن ذلك أمام أحد من الناس كونها داخل هودجها خلف أبيها وهم يسايرونه - صلى الله عليه وسلم - يتحينون الفرصة لحاجتهم، فكشفها جائز في حقه - صلى الله عليه وسلم - إما لغرض رجاء أن يتزوجها وإما لمكان العصمة منه - صلى الله عليه وسلم -.
فإن كان الأول فهي إنما كشفته - وعلى فرض ذلك - والفضل ينظر إليها لأنه ملاصق وتابع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد يقال يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، أو يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقره أصلاً على النظر وأنكر عليه فعله ولوى عنقه عنها مرارا ولم يقره، ولو أرادته عليه الصلاة والسلام لوحده لتستفتيه أو تعرض نفسها عليه لصعب عليها ولم تجد الفرصة وخاصة في ذلك التجمع الكبير وعندها قد يفوت عليها حاجتها.
ولو كان الثاني وهو أيضا - على فرض كونها كانت كاشفة - فهذا جائز لها أيضا على قول بعض أهل العلم في جواز ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث ذكر الحافظ ابن حجر وآخرون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يَحرُمُ عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات لمحل العصمة، بخلاف غيره (١).
فبكل الوجوه تبطل دعوى أهل السفور بحمد الله.
(١) فتح الباري (٩/ ٢١٠). وأنظر كذلك الخصائص الكبرى للسيوطي باب: اختصاصه بإباحة النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن.