ث- كذلك كانت المرأة محرمة ويجوز للمحرمة كشف وجهها وهي داخل هودجها أو بعيدة عن أعين الرجال، ولهذا تفهم لماذا تلفت الفضل رضي الله عنه وحاول استراق النظر للظعن وهن يجرين عندما مررن به وهو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ج- كما أنه قد جاء في بعض الروايات عند الإمام أحمد في المسند:(وَكانت جَارِيَةٌ خَلْفَ أبيهَا)(١) فكونها كذلك يُشعر بأنها صغيرة لم تبلغ الحُلم بعد، ولم تُكلف فجاز لها حينئذ على هذا الكشف، بل غالب الروايات حتى التي ليس فيها لفظ جارية مشعرة بصغرها وكونها (ابنة صبيحة) خلف أبيها ولهذا فيحمل أيضا على أنه أحد الأسباب في عدم إنكار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها وأنه ما أمرها بالستر، لأنه لا يجب عليها بخلاف الفضل فقد كان شابا بالغاً فنظره كان نظر شهوة وفتنة ولهذا أنكر عليه وصرف نظره عنها.
وهذا ممكن فقد كان في زمنهم تزويج الصغيرات سنة مشهورة، كما اليوم العنوسة مشهورة جدا فلا تتزوج المرأة اليوم في أحسن أحوالها إلا بعد العقد الثالث من عمرها بسبب الاختلاط والفساد الذي غشي الناس، ووجود البطالة بين الشباب بسبب عمل المرأة فيما يمكن أن يقوم به الرجال من أعمال، ومحاربة التعدد وغير ذلك، فقد كان زواجه - صلى الله عليه وسلم - بعائشة وهي ابنة ست سنين ودخوله بها وهي ابنة تسع، وكذلك ما روي من خطبة عمر بن الخطاب لابنة علي رضي الله عنهم وهي صغيرة وغير ذلك كثير.
(١) قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد صحيح: وهذا إسناد حسن.