للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصر على الالتفات مراراً في محاولة أن يراها وهو خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأمكنه رؤيتها فيما بعد أو لاكتفى بالنظر لآلاف الكاشفات في ذلك التجمع الكبير وغيره! فدل على أنه لم يكن لينظر وهو يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يراه فهذه مخالفة مكشوفة ظاهرة للآيات والأحاديث في تحريم النظر للنساء كيف وهو ينظر نظر شهوة وكيف وقد علم إنكار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له في المرة الأولى حيث صرف وجهه عنها؟ فعُلم أنه لما كرر النظر إليها مرات لم يكن أمام رسول الله بل خلفه ظاناً أنه لن يراه بدليل قوله: (فكنت أنظر إليها، فنظر إلي النبي - صلى الله عليه وسلم -) (فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها) وهذا ما يبين لك شدة تحريم النظر للنساء فضلا عن كشفهن للرجال، ولهذا فلم يكن الأمر أبدا كما يظنه ويتصوره أهل السفور حيث قالوا: (فلو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل، ولو لم يكن ما فهمه جائزا ما أقره عليه - صلى الله عليه وسلم -) فهذا فهم خاطئ لأن قوله: (لِمَ لويت رقبة ابن عمك؟ ) كما في بعض روايات الحديث عند الترمذي هو سؤال من العباس رضي الله عنه والد الفضل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث رأى فعله بابنه ولم يدرِ ما السبب فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رأيت شاباً وشابةً فلم آمن الشيطان عليهما) (١) حيث لم يشعر بفعلته أحد وإنما تفطن له - صلى الله عليه وسلم - كونه ركب أمامه وبجواره (فتلفت) و (نظر) إليه، ولم يقره كما يدعي ذلك أهل السفور هدانا الله وإياهم، بل أنكره أبلغ إنكار فعلا وقولا


(١) صحيح الترمذي للألباني برقم (٧٠٢).

<<  <   >  >>