ب- بل إن في كلام جابر رضي الله عنه ما يدل ويؤكد على أنه لم يشاهد المرأة بنفسه كونه قال:(ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن) وقوله: (فقامت امرأة من سطة النساء) وقوله: (فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال) وفي رواية لابن عباس: (فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن) كلها تدل على بعدهم عن موضع النساء، فلم يكونوا جميعا مختلطين، وأنه كان يحكي ما حصل هناك فلم يكن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد من الرجال سوى بلال يعتمد عليه ويَجمع الصدقات ولم يقل إن وصفه لها كان عن حضور ومشاركة ورؤية منه لذلك، بل العكس.
ت- بل والأظهر والآكد في أن جابرا رضي الله عنه لم يرى تلك المرأة بنفسه أن ابن عباس رضي الله عنهما في روايته سُئِل:(قيل له: شهدت العيد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم ولولا مكاني من الصغر ما شهدته)(١) فقد كان عمره في حجة الوداع من السنة العاشرة للهجرة يناهز الحُلم، فيكون قبلها من المؤكد صغيرا كما قال عن نفسه وقوله هذا مما يدل على عكس ما أرادوه، وأن النساء كن يحتجبن من الرجال البالغين ولهذا قال:(ولولا مكاني من الصغر ما شهدته) وهو لصغره ممن قال الله تعالى فيهم: {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء}[النور: ٣١] فكيف يصح أن يقال إن جابرا رضي الله عنه وهو الرجل البالغ شهد ذلك ورآه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرحه
(١) أخرجه البخاري (باب العَلم الذي بالمصلى)، وكان قبله بوب لرواية مشابهة عنده ... (باب خروج الصبيان إلى المصلى).